لم  نولد   كما  يجب  ولم   نكبر  كما  ينبغي

تعرضت  هذا  الصباح   لحادث  طفيف ..  يقال  عنه  عيد الميلاد ،  يوم  تشريني    يتكرر   كل  عام ، لأصحو  على  عملية  ” تكبير ” تحدث لي  في  خريف   يصرّ  على  خرافة   العمر  الذي يذوي  في شموع  كعكة  الميلاد .

لي  من  الخريف  ما يكفي   لاصفرار   أوراق   العمر ، تبعثرها رياح  تشرين  تحت  شباك  غربتي  كل عام ، ولي  من الوقار  المباغت  ما يكفي  لكي أرى  الحكمة  عن بعد   بنظارة  طبية  تعالج  ” وجهة  نظري “، ولي  تشريني  الخاص   الذي  يسعل  شيخوخة   في شباب   شاب  بي ،  يكفي لكي  يعيرني  بوقار  أبيض  أحتفظ  به  ليومي  الأسود ، مثل  صورة  قديمة  بالأسود  والأبيض   قبل  ان  تداهم  حياتي  ألوان  ” الديجتال ” .

قبل  نصف  قرن  ونيف ، ولدت  وأنا  مصاب  بداء  فلسطيني   اسمه : ” مسقط  الرأس ” ، ولدت غريبا لاجئا  في أوطان  الآخرين ، وكبرت  لاجئا في أوطان الآخرين ، وأنا  أبحث عن وطن  سقط  منه  مسقط  الرأس .

لي من الوطن  ما يكفي  لهزيمة  غربتي  ، ولي  من  الغربة ما  يجعل الوطن  بعيدا  عن متناول  اليد ،  ولي  من  الشتات ما يكفي   لكي  أوزعه  على شعوب  من اللاجئين  ، ولي  من حمولة العمر  ما يحني  ظهري  من هذا  الوجع  الفلسطيني  ، حين  تسقط  رؤوسنا  بعيدة  عن ما يجب  لها  أن  تسقط .

لم نولد كما يجب ، ولم  نكبر  كما  ينبغي ،  هرمنا  ونحن  نحاول  وطنا  سقط  من  مسقط  رؤوسنا .. التي  تولد  وتكبر   وتموت  وهي  منزوعة  الوطن .

حادث  طفيف تعرضت  له  في عيد  ميلادي   ، كل ما حدث كبرت  غربتي   عاما  جديدا ،  ومازال  وطني   ” ينط ” بي  شابا  في  مقتبل  العمر  يواسي  شيب  غربتي   ، وينتظرني  في  مطار  اللد ليقول  لي  : كل  عام  وأنت بخير .

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *