منذ عملتُ مع مجموعة رائعة وألمعية من الزميلات والزملاء في توجيه اللقاءات اليهودية ـ العربية اكتشفت أن لكل يهودي العربيّ خاصته. ذاك العربيّ الذي يتخيّله ويُناسب مخاوفه أو مصالحه ـ كان فتى في الثانوية أو طالبًا جامعيًا أو محاضرًا في الجامعة، من القدس أو من بين برينر.
ولكل يهودي قصّة عن العربيّ خاصته،
ـ مقاول الترميم الذي رمّم لهم البيت وكانوا معه على علاقة حميمة،
البستنجي في العمارة يقدمون له الشراب البارد أيام الحرّ،
ـ عامل الكراج القريب الذي يداه من ذهب،
ـ عاملة التنظيف التي تأتي إليهم مرتيْن في الأسبوع ويسلمونها مفاتيح البيت،
ـ البائع في السوبرماركت الذي يحمّل لأمّه الأغراض في سيارتها،
ـ الموظف في شركة الوالد الذي دعاهم إلى عرس ابنهم وقدّم لهم كل ما لذّ وطاب،
ـ الزميلة في الجامعة التي تتحدّث العبرية بطلاقة،
وبائع الخضار، والمواسرجي، وسائق الباص، والصيدلانية إلى آخر القائمة. وهؤلاء كلّه طيبون لا يُريدون شيئا سوى العيش في “دو كيوم” مع اليهود!
لكل يهوديّ عربيّ يتخيّله ـ وهكذا الأحزاب اليهودية التي تستقدم إلى قوائم انتخاباتها عربًا يتناسبون مع الصورة المتخيّلة ـ قريب جدًّا من اليهود ويكاد يكون مثلهم إذ لم يكن أكثر بقليل، يُحبّ إسرائيل والدولة ومعتدل، لا يُعارض أن يخدم العرب في الجيش ـ فهي دولتهم، أيضا، وهو مؤمن تماما بالحقوق التي تأتي بعد تقديم الواجبات.
عربي يسهّل حياة الخواجا ويطيّبها ولا يشوّشها، عربي لطيف جدًّا وهادئ جدًا، تقيه من العربيّ المتطرّف والمتخلّف أو تحجبه!!
لكل يهودي عربي يُناسب الفانتازيا. لكل كولونياليّ صورة للأصلانيّ الذي يُريد، يضعها مُقابل الصورة التي لا يُريد،
لكلّ يهودي عربيّ يطهّر من خلاله ضميره
لكلّ يهوديّ عربيّ واسطته إلى العرب الآخرين،
ومن المفارقات أن يجد كلّ كولونياليّ سيّد “العربي” الذي يهوى ويُحب، ومن المفارقات في المفارقات أن هذا “العربي” عادة ما يُتقن تمامًا الدخول في “الخانة” وفي فريم الصورة ويُبدع في الإتقان.
*العربي هنا للنساء كما هي للرجال.