لا ترحموا عزيز قومٍ إختار الذل …
إذا سألت أهل حيفا عن اكثر الأحياء ارتباطاً بالتاريخ النضالي من اجل الحفاظ على هويتنا الفلسطينية وعلى عزة النفس وعلى الكرامة، فسوف يجيبك دون تردد حي “وادي النسناس”.
لذلك ليس صدفة ان يختار حزب الليكود صورة رئيسه ليعلقها على اعلى جدرانه، ويكتب اسمه على الطريقة الفلسطينية “ابو يائير”.
لو لم يكن الأمر محزناً لضحكت.
المحزن في الأمر أن مجتمعنا باتت تديره قيادات بالمستوى “الأخلاقي” المعروف عالمياً لذلك الشخص الذي قرف منه حتى أبناء شعبه. تلك القيادات لا تخفي كرهها لقياداتنا الوطنية، ولا تخجل من التحريض عليها بأقذر الوسائل. فهل سيخجل البعض من تعليق تلك الدعاية الانتخابية على “مدخل الواد”، حقيقةٌ ومجازاً ؟
والضحك “في العب” لأن الدولة حتى في توجهها لاكثر الفئات استعداداً للتسليم بالأمر الواقع والتخلي عن الإنتماء، فهي تعترف بذلك الانتماء وتخاطبهم بلغتهم الفلسطينية. وإلا فمن أين أتت فكرة “أبو يائير” ؟..
وكم جميلة أحياناً هي تلك الانتصارات الصغيرة !
خلال سفري بالأمس بين المروج الخضراء القريبة من قلبي، استمعت لبرنامج اخباري طرح آراء بعض الاشخاص من مجتمعنا، بالنسبة للانتخابات. لاحظت موقفاً عاد على نفسه عدة مرات، أن علينا دخول الحكومة (والقصد عن طريق القائمة الموحدة)، “لكي نستطيع الحصول على اراضي للبناء وميزانيات للبلديات”. لم اعرف كم ضايقني اكثر الإستذلال لحكومة ترانا شوكة في حلقها، أم السذاجة بالثقة بها ؟…
على هذا الحائط بالذات عُلقت قبل اشهر صور الشابات والشباب الذين تفوقوا في دورة تؤهلهم للدراسة الجامعية في أفضل جامعات البلاد. كانت من ضمن الصور صورة لإبني، الذي قلت له يوماً “تفوق بدراستك لكي يتسنى لك ان تدرس الموضوع الذي تختاره أنت، وليس فقط ما يتاح لك دراسته… اعرف تاريخك لكي تبني مستقبلك كما تريده أنت، وليس كما يريدونه لك”.
وإن كنت سأضيف لابني وابنتي قولاً اليوم فسوف اقول انتبها جيداً لكي لا تكونا ساذجين، ففي زمنٍ كثرت فيه المصالح الشخصية وقلت أهمية الكرامة، باتت السذاجة ذنباً. أولم تكن كذلك قبل سبعين سنة ونيف ؟…