أعترف أنني لا أنتظر تصريحات منصور عباس خاصة وأنني منذ اللحظة الأولى لمناوراته الانشقاقية عن “المشتركة” وشعبنا، أدركت أنه ذاهب إلى حضن نتنياهو حتى لو ضمّ الأخير إلى حضنه كلّ شياطين العالم وليس شياطين المستوطنين وممثليهم. فالقرار ليس لمنصور ولا الإرادة كما أنه ليس في يد مجلس الشورى ولا الشخصيات المحسوبة على الحركة الإسلامية الجنوبيّة. هو يُنفّذ أجندة مراكز إقليمية معنية ببقاء اليمين الإسرائيلي برئاسة نتنياهو في الحكم. لا أقلّ ولا أكثر. صحيح أن خطوته هذه تستجيب لهواجس وتخوفات ورغبات عند الناس لكنها في الأساس مدفوعة بقوة وموارد خارجية.
غير منطقيّ بالنسبة للإنسان العربي الفلسطيني العادي أن يحكي أحدهم عن تعاون مع أسوأ الحكومات وأكثرها عنصريّة قولا وفعلا، بالسياسات والتشريعات والممارسات ضد كل شعبنا بين البحر والنهر. المنطق الوحيد كامن في المناطق المعتمة أو غير المرئية لكن التي يُمكننا الاستدلال عليها من القرائن الظرفية ومن الخيط الذي يربط تصريحات منصور عباس من سنتين ثلاث مع خطاب يتداوله اليمين الإسرائيلي ومراكز الحكم في الخليج وهو المراكز العربية التي توظّف فيها إسرائيل كل طاقاتها منذ ثلاثة ـ أربعة عقود.
سينضم منصور عباس وحركته ـ ونعرف نقاشات حادة داخلها ـ إلى حكومة يمينية عنصرية إلى جانب غُلاة المستوطنين المتوحّشين ولن يأبه بشيء. ففي دعايته الانتخابية ما يدلّنا على شيء. فهو لا يستمدّ شرعية لتحرّكه من أي جهة محليّة ولا من حركته بل من مراكز صنع القرار والسياسات في مواقع أخرى. فقد كان اليمين الإسرائيلي حاضرًا في حملته الانتخابية كمحدد لطبيعتها وكانت الروح روح إماراتية وعربية تطبيعية. وعليه، فماذا يُمكنه أن يقول؟
أتمنى على شعبنا أن يستطيع الفكاك من أسر المراوحة بين خطاب “السيّد” وبين خطاب منصور ـ أن يخرج من خطاب البطولات اللفظية ومن خطاب التذلّل الذي مهّد له منصور عباس. خطابات لا تنبع من مشاريع عربية فلسطينية ولا فيها أي مصلحة لشعبنا أينما كان.