في مقال نشره هنا، تناول المستشار الاستراتيجي بوعز ليبرمان أهمية زيارة أبو مازن محمود عباس إلى دمشق، حيث التقى بالرئيس السوري الجديد الجولاني . يصف ليبرمان الحدث بأنه “واحدة من أكثر اللحظات إثارة وخطورة في الساحة الفلسطينية في العقد الأخير”، وفي مقاله أوضح أيضا لماذا – ولن أدخل في التفاصيل هنا – أن كل تعليلاته صحيحة ومشروعة .
في هذه السطور أود أن أطرح سؤالا صغيرا واحدا فقط، والذي طرحته مرارا وتكرارا في الآونة الأخيرة في مناسبات مختلفة كنا نشاهد فيها أبو مازن يتجول في العالم، مرة في القاهرة، ومرة ​​في دبي، ومرة ​​على مسرح الأمم المتحدة في نيويورك، ومرة ​​في دمشق، وسوف أطرحه هنا مرة أخرى أيضا:
على مدى السنوات الماضية، لم يتوقف رئيس السلطة الفلسطينية، أبو مازن نفسه الذي يتجول حول العالم، عن قيادة حملة دبلوماسية وقانونية ضد إسرائيل. فهو ومبعوثوه يقودون القوى التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل في المحاكم الدولية وإلى محاكمة القادة الإسرائيليين وقادة الجيش الإسرائيلي. لقد شهد هذا الرجل كل أهوال أحداث السابع من أكتوبر، ولم يجد حتى اليوم أنه من المناسب إدانة المذبحة الأكثر فظاعة التي تم ارتكابها ضد الشعب اليهودي منذ الهولوكوست. ولا يتوقف هذا الرجل أيضاً عن محاولة إجراء محادثات، ناجحة إلى حد ما، من أجل تشكيل حكومة وحدة مع حماس، على ما يبدو انطلاقاً من إدراكه أن الفجوات بين منظمته وحماس ضئيلة إذا نظرنا إلى هدف المنظمتين، وهو تدمير إسرائيل وإقامة دولة فلسطينية بدلا منها .
أنا مقتنع أنني لا أحتاج إلى تذكير القراء بهذه السطور، ولكنني سأفعل ذلك على أي حال من أجل فهم الأمر: هذا الرجل هو الذي أعلن أنه حتى لو بقي دولار واحد في خزينة السلطة الفلسطينية، فإنه سيتم تحويله أولاً إلى المخربين وعائلاتهم ( الأسرى والشهداء ) وفقط بعد ذلك إلى الاحتياجات الاقتصادية لشعبه، وفعلا فإنه لا يتوقف عن تحويل الرواتب إلى المخربين وعائلاتهم وفقاً لتعرفة دموية متوحشة ، فكلما كانت العقوبة المفروضة على المخرب أكثر كلما كان راتبه أعلى . يحرص هذا الرجل على لقاء المخربين بعد إطلاق سراحهم، لتشجيع عائلاتهم وتمجيد أسمائهم. تحت قيادته، يواصل النظام التعليمي الفلسطيني تربية جيل من المخربين المستقبليين ، وتحت قيادته، تؤجج وسائل الإعلام الرسمية في السلطة الفلسطينية كل شرارة من التحريض المناهض لإسرائيل، وتحت قيادته، تستمر تسمية الساحات والبطولات الرياضية والمؤسسات على أسماء أبطال المخربين ، الأمر الذي لا يترك مجالاً للشك حول ما يفكر فيه هذا الرجل حولنا وحول مستقبلنا هنا في هذا البلد.
باختصار، إن الحكومة الإسرائيلية على حق في ادعائها بشكل حماسي أن الأمر يتعلق بإرهابي يرتدي بدلة، وهذا هو بالضبط السبب الذي يجعلني أريد ، وكما ذكرت ، ليس للمرة الأولى، أن أسأل الحكومة الإسرائيلية، لماذا، إذا كان كل هذا صحيحا، يستمر هذا الرجل في التجول حول العالم ويستمر في زرع بذور السم ضدنا في عواصم العالم ؟
إن محمود عباس نفسه، المعروف بأبو مازن، يحمل بطاقة VIP في محفظته (إذا كان هناك من لا يفهم معنى هذا الإختصار ، فإنني أقول بأن هذا يعني أنه شخص مهم جدا ) تسمح له بالدخول والخروج من المقاطعة في رام الله للقيام بكل هذه الرحلات. هذه الشهادة، التي ليس هو الوحيد الذي يحملها، تسمح له بعبور سيارته عبر حواجز الجيش الإسرائيلي دون تفتيش، ومغادرة حدود إسرائيل شرقاً إلى الأردن، ومن هناك إلى التجول في كل أنحاء العالم كما يشاء. ولايتم طبع هذه الشهادة في مطبعة في نابلس أو في رام الله. ومن يمنحه هذه الشهادة هي الحكومة الإسرائيلية، وليس أحداً آخر. وبدون هذه الشهادة، سيكون لزاما على أبو مازن أن يختار بين البقاء في الخارج أو في المقاطعة . وطالما أن هذا عدو ومحرض ويؤجج الكراهية ومعاداة السامية، فلماذا تظل شهادته سارية المفعول ؟ .
الحقيقة أنني طرحت هذا السؤال ليس هنا فقط ، بل طرحته على أحد أخر الأشخاص الذين خدموا هنا كوزير للخارجية. فأجابني الوزير بأن هذا سؤال مهم ويستحق البحث بالفعل (غريب، لم أعتقد بأن الأمر كان يحتاجني من أجل طرح هذا السؤال، ولكن لا بأس…) وربما كان من الصواب إحالته إلى وزير الدفاع. من المؤسف أنني لم أر أحداً من أعضاء الحكومة يسأل أو يتساءل عن هذا، وأبو مازن هذا نفسه يواصل السفر في العالم دون عائق، يتأمر وينسج المؤمرات ويحرض، ويهدد ويخطب، ونحن نواصل الشكوى حول أفعاله ونستمر وكأن شيئاً لم يحدث .
إذن، صحيح أن رئيس الحكومة نتنياهو رفض هذه المرة السماح لطائرات مروحية أردنية بنقل عباس من رام الله إلى دمشق، لكن أبو مازن يعرف كيف يكتفي بسيارته الرسمية، كما قلنا برعاية تلك الشهادة (VIP). لذا فإن الخطوة التي اتخذها نتنياهو قد تكون لطيفة، ولكنها بعيدة كل البعد عن أن تكون مقنعة .
باختصار، ربما يشرح لنا احد ما هذه المرة كيف ولماذا وصل أبو مازن إلى دمشق .

المصدر: القناة السابعة

About The Author

1 thought on “كيف وصل عباس إلى الجولاني؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *