كيف نواجه الضم؟


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

خاص  ملتقى فلسطين – عبده الأسدي

سواء طبقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي قرار الضم أو أجلّته بعض الوقت، لن يغير ذلك من حقيقة الاستملاك الزاحف الذي قامت به الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، منذ احتلالها لبقية الأراضي الفلسطينية في أعقاب حرب حزيران 1967، وذلك استنادا إلى خطة ألون الشهيرة.
بات معلوما أن قرار الضم يعني فيما يعنيه التهام ثلث الضفة الغربية، أي ما يعادل 1812 كيلومترا مربعا، ووضع قرابة 400 ألف فلسطيني في معازل أشبه بالبانتوستانات.

نحن أمام واقع بالغ التعقيد، فحلم الانفصال القومي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة يتبدد أمام تلك الحقائق، في حين أن إقامة الدولة ثنائية القومية بات يتطلب نضالا وظروفا مختلفة عما هو قائم. إذا ما هي الخيارات المتاحة لمواجهة الضم سواء عبر الخطة الإسرائيلية المعلن عنها في إطار صفقة القرن، أو عبر عمليات التهويد الإسرائيلية للأرض الفلسطينية؟
قد يبدو للوهلة الأولى أن لا أحد يمتلك وصفة سحرية أو خطة عمل لمواجهة ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي. ولكن من جانب آخر فإن الفكرة الجوهرية لأي مواجهة لا بد أن تتأسس على واقع منهجي يقوم على ضرورة النظر إلى القضية الفلسطينية بشكل شمولي، بمعنى أنها ليست قضية جزء من الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، بل هي قضية كل الفلسطينيين، فالانطلاق من مسألة وحدانية الشعب الفلسطيني وتكامله بعضه مع الآخر، تفضي إلى ضرورة العمل على تحفيز الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده بهدف المساهمة في عملية التصدي للمشروع الصهيوني الزاحف عبر خطة الضم، مع الإقرار بخصوصية كل ساحة، مما يغني أدوات المواجهة ووسائل التصدي ، وبما يتناسب مع كل بقعة جغرافية يتواجد بها الشعب الفلسطيني. المهم أن يدرك الكل، والكل هنا تعني كل الشعب الفلسطيني (في الأراضي المحتلة منذ 1948 وفي الأراضي المحتلة منذ 1967 وفي الشتات)، خطورة الضم، وأن المواجهة تتطلب جهدا ومثابرة طويلتين، وأن هذا التحشيد يتطلب التنظيم ،حتى لا يبقى الفعل الجماهيري أشبه بجبل من الرمال المتحركة.

ويمكن الجزم أن دقة التنظيم والديناميكية اللازمة لجعل التواصل السياسي والثقافي مجديا وفاعلا بين كل أبناء الشعب الفلسطيني في أماكنه المختلفة، قادر بحد ذاته على تحويل هذا الجبل من الرمال كتلة واحدة صلبة.
إن الدعوى لإعادة بناء منظمة التحرير تكتسب شرعيتها السياسية ومشروعيتها التاريخية، من عدة اعتبارات هي:
أولا، إعادة الاعتبار إلى ماهية الحركة الوطنية الفلسطينية باعتبارها حركة تحرر وطني لم تنجز مهامها التاريخية التي طرحتها سواء عبر شعارات الدولة الديمقراطية أو العلمانية أو دولة مستقلة على الأراضي المحتلة منذ العام 1967.
ثانياً، تصاعد تغوّل المشروع الاستيطاني الصهيوني الأمريكي، عبر خطة القرن، وفرض واقع استيطاني باتت فيه الضفة الغربية أشبه بجلد الفهد المرقط، ما يبدد أي فرصة جغرافية للتواصل الجغرافي بين الأراضي الفلسطينية في الضفة، ويلغي حلم إقامة الدولة الفلسطينية.
ثالثاً، استمرار الانقسام الفلسطيني ـ الفلسطيني منذ 13 عاما، فنحن أمام سلطتين لا تمتلكان قرار السيادة على الأرض، سلطة في الضفة رهينة التنسيق الأمني مع إسرائيل، وسلطة في غزة رهينة الحصار الإسرائيلي، والتبعية لدول إقليمية.
أمام هذا الواقع السياسي يبدو أن لا خيار أمام الجانب الفلسطيني إلا أن يعيد ترتيب بيته الداخلي، وهنا أجد التوافق مع الطروحات التي قدمها رهط كبير من المثقفين والكتاب والصحفيين والناشطين الفلسطينيين بضرورة أن تكون نقطة البداية بإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية، عبر الدعوة لانتخابات ديمقراطية لأعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، وعلى اعتبار أن كل أبناء الشعب الفلسطيني هم أعضاء طبيعيون في منظمة التحرير الفلسطينية، ولهم الحق في انتخاب من يمثلهم في المجلس الوطني الفلسطيني، ناهيك أن هذه الدعوة قائمة ليس على شرعية قانونية فحسب، بل على ضرورة منطقية وسياسية لازمة.

مواجهة مشروع الضم تنطلق من الإقرار بضرورة إعادة النظر بسردية العمل الوطني الفلسطيني، هذه السردية التي جزأت العمل التحرري وبات النضال لتحقيق جزء من الأهداف لجزء من الشعب غايته، في حين أن المنطق السياسي يتطلب إعادة القطار إلى السكة الصحيحة، وهي مشاركة كل الشعب الفلسطيني، في كل أماكن تواجده، لتحقيق مصالح كل الشعب الفلسطيني، انطلاقا من وحدة قضيته، وليس لتحقيق حل لجزء من الشعب الفلسطيني.
إن الارتكاز إلى الشعب هو بحد ذاته مصدر القوة الذي لا ينضب، وهي حقيقة لا مراء فيها، وفد تبدو للبعض مقولة طوباوية وغير عملية، في حين أثبتت الثورات العربية، وعلى الرغم مما اعتراها، أن الشعب هو صاحب الكلمة الفصل، وأنه هو وهو وحده الذي يقود السفينة إلى بر الأمان. لقد ولّى عصر التنظيم القائد أو الطليعي، وبات الشعب نفسه هو القائد، وهو الذي يمتلك زمام الأمور، فما دامت المصالحات الفلسطينية عصية على التحقق، فمن الأجدى أن العمل على مبادرات شعبية تنطلق من إعادة الاعتبار للشعب صاحب المصلحة الحقيقية في التغيير المطلوب، لتحقيق الحلم الفلسطيني لكل الفلسطينيين أينما وجدوا، وعلى أرض فلسطين كل الأرض.

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *