كيف نفهم السياسة الأمريكية كما هي في الواقع، وليس كما نتمنى؟!
نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في مواصلة تمويه دورها الحقيقي في قيادة حرب الإبادة الجماعية التي تشنها مع وكلائها في المستعمرة الصهيونية وحلفائها المحليين والإقليميين ضد الشعب الفلسطيني للقرن الثاني على التوالي. والمضي قدما في تصفية القضية الفلسطينية ، واستكمال استبدال فلسطين بإسرائيل واستبدال شعبها العربي الفلسطيني بالغزاة المستوطنين الصهاينة الأجانب. لمحورية ذلك، في استكمال إعادة هندسة المنطقة العربية- الإسلامية الممتدة التي تقع في مركز العالم، واستبدال حضارتها الأصيلة الجامعة بحضارة شرق أوسطية هجينة يتسيدها المركز الاستعماري الغربي الصهيوني العنصريّ .
وتمكنت الولايات المتحدة الأمريكية على مدى أكثر من قرن، وما تزال، من التواري خلف وكلائها وعملائها الكثر، ولعب دور الوسيط في حل الصراع العربي الصهيوني وجوهره الفلسطيني- الاسرائيلي عبر إدارته بإحكام على مدى عقود طويلة.
غير أن استعصاء الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وتضحيات أجياله المتعاقبة، تسببت في إبطاء وعرقلة تنفيذ المخططات الاستعمارية الغربية الصهيونية العنصرية .
وجاء طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر/ 2023 والمقاومة الباسلة والصمود الأسطوري للشعب الفلسطينى في مواجهة حرب الإبادة الجماعية التي أعقبته في قطاع غزة، وعلى امتداد فلسطين الانتدابية، ليهز أساسات المستعمرة الصهيونية، ويهدد الإنجازات المهمة التي حققها التحالف الاستعماري الغربي الصهيوني العنصري على مدى قرنين. عبر العبث في البيئة الجغرافية والديموغرافية والحضارية العربية والإسلامية المحيطة بالمركزالفلسطيني.
ونجح الشعب الفلسطيني – رغم ما يتكبده من أهوال وكوارث لم تعهدها البشرية في أحلك عصورها – وتمكن من كشف وحشية وهمجية الحضارة المادية الغربية التي وظفت أحدث منتجات الحداثة لإبادة الإنسان والمكان والذاكرة. ما أيقظ طبقات الإنسانية العميقة لدى الشعوب على امتداد الكرة الأرضية. وتداعى المظلومون من كافة الأعراق والألوان والأجناس والإثنيات والمعتقدات والأديان والطوائف والمذاهب للتضامن مع الشعب الفلسطيني البطل، إذ رؤوا في مظلوميته تجسيدا للظلم المستشري في العالم أجمع.
واستنفرهذا النهوض الجمعي لشعوب العالم كل قوى الش، وتحالفوا سويا لخوض حرب عالمية لمعاقبة الشعب الفلسطيني الذي أطلق شرارة التغيير، وعبد بدماء أبنائه – التي ما تزال تتدفق بغزارة في شوارع وأزقة مخيمات وقرى ومدن قطاع غزة والضفة الغربية والداخل الفلسطينى وفي لبنان وسوريا والعراق واليمن – الطريق للنهوض الإنساني. وأظهر لشعوب المنطقة والعالم قاطبة قدرة الإرادة الذاتية عند تفعيلها على خلخلة مرتكزات النظام الاستبدادي في عقر داره وعلى امتداد العالم، فتشظت بناها ومؤسساتها وأحزابها، وانطلقت الحراكات داخلها للتغيير والتأسيس لمستقبل مغاير. والتبشيربعالم جديد يرتكزعلى العدالة وتساوي حقوق بني البشر في العيش الحر الكريم وتقرير المصير.
ورغم ما يبدو عليه الواقع الفلسطيني الدامي من حلكة بفعل الاختلال الهائل في موازين القوة العسكريّة. وتداعيات ذلك التدميرية التي لا تستثني الأطفال والنساء والشيوخ بهدف الترويع والإخضاع. إلا أن ذلك لا يحجب حجم الارتباك والتخبط الذي يكتنف الطغاة المستعمرون فيوغلون في وحشيتهم وهمجيتهم، ويسرعون بذلك سقوطهم الحتمي الذي لا ريب فيه. فالتاريخ الإنساني المدون يدلل على أن مآل حروب الغرب والشرق على أرض فلسطين المباركة تفضي إلى شروق الشرق وغروب الغرب. هذا ما حدث مع عمرابن الخطاب عام 636م. وما جرى مع صلاح الدين الأيوبي عام 1197 . وهذا ما سيكون عليه بعد ملحمة طوفان الأقصى.
وهو ما يدلل على اقترابه هذا الهلع والتخبط الأمريكي والغربي والصهيوني، الذي يخوض قادته حربا وجودية لحماية النظام السائد الآيل للسقوط، ولعرقلة نمو القوى المحلية والإقليمية والعالمية الصاعدة التي تتقدم بثبات وإن بتأن وبطء. ويؤكده استدراك الإدارة الأمريكية للتوظيف الانتخابي للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ومسارعتها لإرسال وزير خارجيتها بلينكن في زيارة تاسعة للمستعمرة الصهيونية منذ موقعة طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر/ 2023 . لتجديد التزام الولايات المتحدة الأمريكية بمواصلة حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني. وإدخال التعديلات المستحدثة على المقترح الإسرائيلي للتسوية الذي سبق وأن تبناه وأعلنه بايدن في 31/5/2024، وأقره مجلس الأمن الدولي في 10/6/2024 ووافقت عليه حركة حماس في 2/7/2024. وإجهاض فرص تنفيذه، بالانقلاب عليه وإعادة التفاوض حول الشروط. ومسارعته للإعلان من تل أبيب عن نتائج اجتماعه بنتانياهو في 18/8/2024 الذي استغرق ثلاث ساعات، مشيرا إلى” أن اجتماعه مع نتنياهو “بناء للغاية. حيث أكد قبول إسرائيل لمقترح الوساطة المحدث الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية” وأنه بات “على حماس أن تفعل الشيء نفسه”. وأعقبه على الفور تصريحا لنتانياهو الذي أكد على رفض إسرائيل للانسحاب من محوري نيتساريم وفيلادلفيا. وإصرارها على السيطرة الأمنية على قطاع غزة، ورفض وقف إطلاق النار قبل بلوغ النصر الكامل واستسلام المقاومة الفلسطينية. وأعقبه تصريح لبايدن بأن “حماس تراجعت عن خطة التسوية” “وأن الصفقة ما تزال مطروحة على الطاولة” . ثم تلاه تهديد صريح لبلينكن في 20/8/2024 بقوله: ” ما قلته لحماس وقادتها هو أنها إن كانت تكترث بحياة الشعب الفلسطيني فعندها ستقبل هذا الاتفاق المحدث. وستعمل على الوصول إلى تفاهمات لتطبيقه، لأنه أفضل وأسرع طريقة فعالة لتخفيف المعاناة المريعة للشعب الفلسطيني”. ما يعني أن حرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني ستتواصل قتلا وتجويعا ومرضا، مالم تنصاع المقاومة الفلسطينية وتستسلم.
بكلمات أخرى، فإنه غيرمسموح أمريكيا وإسرائيليا وقف حرب الابادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني قبل خضوعه واستسلامه.
ولفهم ثوابت السياسة الأمريكية ينبغي قراءة مقال مهم نشره ريتشارد هاس في مجلة فورين أفيرز بتاريخ 14/8/2024 بعنوان “المشكلة مع الحلفاء.. أميركا بحاجة إلى دليل للتعامل مع الأصدقاء الصعبين” وينطوي المقال على أهمية بالغة لسببين:
الاول: أهمية وخصوصية كاتبه. فهو وفقا لويكيبيديا أحد أبرز صانعي السياسة الأمريكية. إذ سبق له العمل في وزارة الدفاع / البنتاغون / خلال الفترة /1979 – 1980/ وفي وزارة الخارجية/ 1981- 1985/ وكان مساعدا خاصا للرئيس جورج بوش الأب/ 1989-1993// والمدير الأول لمجلس الأمن القومي للشرق الأدنى وجنوب آسيا. وشغل منذ يوليو 2003 منصب رئيس مجلس العلاقات الخارجية، وقبل ذلك كان يشغل منصب مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية للولايات المتحدة وكان مستشارا مقربا لوزير الخارجية كولن باول. والمنسق الأمريكي لمستقبل أفغانستان. كما كان نائبا للرئيس ومدير دراسات السياسة الخارجية بمعهد بروكينغز، وأحد كبار مشاركي معهد كارنيجي للسلام الدولي، ومحاضرا في السياسة العامة بجامعة هارفارد، وزميل باحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. وهو الآن الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية، الذي يعتبر واحدا من أهم مؤسسات التفكير الاستراتيجي الأمريكي والأكثر تأثيرا في السياسة الخارجية الأمريكية. التي تصدر مجلة فورين أفيرز.
ولهاس رؤية واضحة للسياسة الخارجية الأمريكية عكسها في كتابه «الشريف المعارض»، ترى بأن الولايات المتحدة يجب أن تلعب دور شريف /شرطي/ دولي. وبأن الحفاظ على النظام الدولي غالبا يقتضي منها تولي دور شريف دولي، أي الجهة التي تقوم بتشكيل تحالفات، أو امتلاك دول، وغيرها، للقيام بمهام محددة. لمتابعة تفضيلاتها الخاصة للعالم.
وأوضح تفاصيل رؤيته للسياسة الأمريكية في محاضرته «أمريكا الإمبراطورية» بمؤتمر أتلانتا في تشرين الثاني/نوفمبر/ 2000. فقدم رؤية متكاملة للسياسة الخارجية، تقضي بأنه يتعين على قادة الولايات المتحدة تبني «سياسة خارجية إمبراطورية» لبناء وإدارة إمبراطورية أمريكية غير رسمية. وأن عليها أن تحاول تنظيم العالم وفقا لمبادئ معينة تؤثر على العلاقات بين الدول وعلى الظروف داخلها. وأشار إلى الإمبراطورية البريطانية كنموذج. وأوضح أن الدورالأمريكي سوف يشبه بريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر. باتباع نموذج الإمبراطورية البريطانية. ويرى بأن الولايات المتحدة يمكنها الحفاظ على نظام للسيطرة غير الرسمية على العالم عندما يكون ذلك ممكنا. وأشارإلى وجوب أن تكون الإمبراطورية الأمريكية غير رسمية، إذا كانت ستنجح فقط، لأن الديمقراطية الأمريكية لم تستطع ضمان نظام إمبراطوري يتطلب تطبيقات ثابتة ومكلفة للقوة العسكرية. لكن عليها أن تتحول إلى السيطرة المباشرة إذا لزم الأمر.
والسبب الثاني يتصل بتوقيت مقاله، حيث تواجه الولايات المتحدة الأمريكية مآزق عديدة داخلية وخارجية، بالغة التأثير على هيمنتها الكونية، وعلى النظام العالمي أحادي القطبية.
يحاول الكاتب التهرب من مواجهة الأسباب البنيوية للمآزق الأمريكية الكامنة في النظام الرأسمالي النيوليبرالي الأمريكي المهيمن على النظام الدولي، والناجمة أساسا عن خصائصه العنصرية وطبيعته العدوانية الاستئثارية ونهجه الاستعماري التدميري وتسبب كل ذلك في التشظيات الداخلية والحروب الخارجية التي باتت تهدد الوجود البشري. ويحاول تحميل إخفاقات النظام النيوليبرالي الذي أوشك على بلوغ نهاياته المحتومة لامتداداته وحلفائه في الخارج. وحصر المسؤولية عن الإخفاقات الأمريكية المتعاظمة وحصرها في السياسة الخارجية التي انتهجها الإدارات الأمريكية المتعاقبة/الديمقراطية والجمهورية/. وخياراتها الخاطئة، وضعف فاعليتها في التأثيرعلى سلوك حلفائها، وتمردهم وإضرارهم بالمصالح الأمريكية.
فيشير إلى الإخفاقات الأمريكية في فيتنام وأفغانستان والعراق وأوكرانيا والشرق الأوسط. وفي مواجهة القوى الإقليمية والعالمية الصاعدة. ويبررها بفشل المناهج في التعامل مع الحلفاء والأصدقاء وعدم التزامهم بالنصائح الأمريكية، وتمردهم وعدم اكتراثهم بتداعيات سلوكياتهم على المصالح الأمريكية.
وفي قلبه للحقائق يعمد الكاتب إلى تزييف الوقائع. فيتغافل – وهو ملم بتفاصيلها-عن الأسباب الجوهرية المسؤولة عن تراكم الإخفاقات، والناجمة عن الطبيعة البنيوية الرأسمالية الاستعمارية للحضارة الغربية الأنغلو-ساكسونية العنصرية الساعية لاجتثاث الحضارات الإنسانية الأصيلة، وعولمة حضارتها المادية بالقوة التدميرية. وعدم التورع عن التضحية بحياة سائر البشر لإدامة الهيمنة الأمريكية على النظام الدولي.
وسأحصر ملاحظاتي على مقالته التي سأورد ترجمة منفصلة لها على مسألتين راهنتين من بين قضايا عديدة تناولها الكاتب.
تتعلق أولاها بأوكرانيا، إذ يتنصل الكاتب من دور الولايات المتحدة الأمريكية في توريط واستدراج أوكرانيا للحرب ضد روسيا بغية تعويق تقدمها وصعودها. بداية باستبدال النظام الأوكراني بآخر موال للغرب، وإغراء النظام المستحدث بمكتسبات وهمية يتيحها التحالف الغربي لقاء انخراط أوكرانيا في الجهود الأمريكية لمحاصرة واستهداف الاتحاد الروسي المتنامي القوة، الذي يشاركها الجغرافيا والتاريخ والديموغرافيا. باستدعاء الاختلافات مع المكون الروسي في الشرق الأوكراني، وتكثيف الاعتداءات عليه لاستفزاز روسيا. ثم تزويد النظام الأوكراني الموالي للولايات المتحدة الأمريكية بمستلزمات تأجيج وإدامة الحرب مع روسيا لإشغالها وتعطيل نموها وعرقلة تقدمها. باستنزاف طاقاتها ومواردها من جهة. ولإخضاع أوروبا، وخصوصا ألمانيا، القوة الأوروبية الرئيسية الصاعدة وعرقلة تطورها وتكاملها الاقتصادي مع محيطها الأوروبي، وإجهاض سعي الاتحاد الأوروبي لبناء قدراته الذاتية وتقليص تبعيته للولايات المتحدة الأمريكية.
فيدعي الكاتب أن الولايات المتحدة الأمريكية حثت أوكرانيا على القبول باتفاق هدنة، رغم علمه اليقيني بأنها منعتها من إبرام الاتفاق الذي كان وشيكا لوقف إطلاق النار مع روسيا. وزودتها بالمزيد من السلاح والعتاد والمال لمواصلة حربها بالوكالة مع روسيا. دون المبالاة بالتضحية بأوكرانيا وشعبها لتحقيق الأهداف الأمريكية.
أما المسألة الثانية فتتعلق بالمستعمرة الاستيطانية الصهيونية، التي اعترف الرئيس بايدن بأهميتها الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، ووصفها بأنها ” أعظم استثمار أمريكي. وأنه لو لم توجد إسرائيل لتوجب على الولايات المتحدة الأمريكية خلقها. لحماية مصالحها الحيوية في المنطقة العربية- الإسلامية الممتدة، التي تقع في مركز العالم وتشكل السيطرة عليها عنصرا رئيسيا في ترجيح موازين القوى الدولية.
فيتعمد الكاتب الادعاء بوحود خلافات مع إسرائيل، والإيحاء باستقلالية القرار الإسرائيلي، وتمرد النظام الصهيوني على الولايات المتحدة الأمريكية بشأن وقف حرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني . ويتجاهل استنفار وهرولة الرئيس الأمريكي وأعضاء إدارته العسكريين والأمنيين والسياسيين والدبلوماسيين والإعلاميين، واستدعائهم وحشدهم لقوى التحالف الاستعماري الغربي، وتحريك أساطيلهم البرية والبحرية والجوية للدفاع عن المستعمرة الصهيونية بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر/ 2023 ، عندما هزت موقعة طوفان الأقصى أساسات المستعمرة الصهيونية. ما هدد بتقويض جهود نحو قرنين من إعادة هندسة المنطقة.
فالتحالف الاستعماري الغربي الصهيوني العنصري الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية يعلم علم اليقين بأن المستعمرة الاستيطانية الغربية الصهيونية التي تم تخليقها عبر حربين كونيتين، ما كان بالإمكان إنشاؤها عام 1948, دون تواطؤه مع النازية في الهولوكوست، لاقتلاع يهود أوروبا واستقدام الناجين منهم وتوظيف رعبهم لاستيطان فلسطين وزج اليهود في تنفيذ المشروع الاستعماري الاستيطاني الغربي الصهيوني التوسعي- وهو ما سبق وعجز عنه نابليون بونوبارت باستقطابهم طوعا قبل قرن ونصف –
والكاتب – كما قادة بلاده – يدركون تماما عدم قدرة إسرائيل على البقاء طوال 76 عاما – مهما امتلكت من قوة ذاتية ولو نووية – دون الحماية والدعم الأمريكي والغربي – وهو ما أثبته طوفان الأقصى بجلاء بجلاء. ويعي أن إطالة أمد بقاء إسرائيل في المنطقة رهن بالحماية الخارجية، واحتفاظهاببنيتها الديموغرافية العنصرية/ اليهودية / وبدورها الوظيفي كقاعدة استعمارية استيطانية غربية متقدمة، لمواصلة تهديد شعوب المنطقة وإخضاع نخبها، ومدها بعناصر البقاء عبر :-
• مواصلة عرقلة اندماج اليهود في أوطانهم الأصلية
• وتأجيج معاداة السامية
• وبث الذعر لدى اليهود لإدامة انخراطهم في المشروع الإمبراطوري الأمريكي . إذ يكرر بايدن الادعاء بأنه “بدون إسرائيل، سيكون كل يهودي في العالم معرضا للخطر” وذلك من أجل منع انصهار الجماهير اليهودية في مواطنها والابقاء عليها كاحتياطي استراتيجي عندما يحتاجهم التحالف لخوض حروبه والدفاع عن مصالحه الحيوية. وإدامة هيمنته على النظام العالمي. وهو ما يدركه قادة الكيان الصهيونى عموما، ونتانياهو خصوصا. ويتقن استخدامه ببراعة لافتة لابتزاز ربيبه الأمريكي. وعكسه بوضوح في خطابه بالكونغرس قبل أسابيع، بتذكيره قادة الولايات المتحدة الأمريكية، بفضل إسرائيل وجيشها في حمايتهم وإبقاء بلادهم بعيدة عن ميدان القتال في الشرق الأوسط. وبأن مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية ومصيرها وعموم الغرب يرتبط بإسرائيل، وبتمكينها من الانتصار الكامل على جميع أعدائها.