كيف نفكر بالداخل فلسطينيا؟
ملخص
يدعي هذا المقال أن خصوصية الداخل هي ليست بالضرورة خصوصية سياق محلي وأدوات وترتيب أولويات بين الفلسطيني المحلي والفلسطيني الوطني العام، كما ينعكس الداخل في الخطاب الفلسطيني العام. بل إنه من الممكن –بل من الحاصل- أن تتحول إلى خصوصية “أيديولوجية” أي أن يعاد إنشاؤها من قبل السلوك السياسي في الداخل نفسه، ضمن مشروع سياسي يهدف إلى الاجتهاد في الغرق في السياق الإسرائيلي، حتى ضمن المراحل التاريخية التي تتطلب وتستدعي أفق التقاطع مع القضية الفلسطينية كقضية شعب، فيما يشبه تحول الخصوصية من سياق مفروض إلى بارادايم قائم بذاته. وإذا كان السياق الإسرائيلي يمنحنا هامشا من العمل ضمن مفاهيم إسرائيلية، فإن الاجتهاد في رفض الخروج منه و رفض التقاطعات المستوجبة مع عناوين فلسطينية عامة يعكس عملية تحويل هذا الهامش المتاح إلى مشروع سياسي يؤدلج الهامشية الإسرائيلية ويرفض الخروج منها إلى أفق فلسطيني يحقق مبدأ وحدة الشعب ووحدة القضية، ويحقق مبدأ “التكامل”، الذي ندعيه جزافا.
ترتبط تلك الهامشية أو الخصوصية الأيديولوجية بيمين فلسطيني أي بدعم كامل للسلطة الفلسطينية ورموز نهجها، بالتالي يبدو سؤال ما دور الداخل -الذي يطرحه الخطاب الفلسطيني العام الذي يرى في أوسلو نهجا كارثيا، والذي يرى في سياسة الانتظار التي تتبعها السلطة تساوقا مع صفقة القرن وتواطئا ضد بلورة مقاومة فلسطينية حقيقة- سؤالا غريبا على مشهد فلسطيني في الداخل يعكس نفس الانقسام السياسي الذي يعكسه المشهد الفلسطيني العام تجاه أوسلو.
ثم يحلل المقال أزمة السياسة في الداخل من هذا المنطلق، ويعزي إجهاض دور المشتركة إلى سطوة بارادايم الهامشية أو”الخصوصية الإسرائيلية”، ويرى في الأزمات الحالية في مشهدنا السياسي الضحل كمؤشرات للأزمة الأم وكتعبيرات عنها ليس إلا.
ولا يرى المقال أفقا إلا بتغيير جذري لأدائنا السياسي عبر الخروج من الهامشية الإسرائيلية وعبر قراءة المرحلة وتحدياتها كمرحلة تتطلب دورا فلسطينيا استراتيجيا تستطيعه المواطنة، بل يستدعيه سياقها، ويمثل الخروج عنه تساوقا وتسهيلا لمخطط يحاول تصفيتنا وطنيا. ولا يرى المقال أن مسؤولية ذلك تقع حصريا على عاتق فلسطينيي الداخل، بل يحمل “الخارج” الفلسطيني مسؤوليته في ذلك وفق قاعدة التكامل النضالي، حيث التكامل يعني تبادلية مسؤولية الأدوار الفلسطينية.
عندما تصبح “الخصوصية” بارادايم
ينشغل الجدل الفلسطيني اليوم، في أماكن انشغاله، بمعادلة التكامل بين نضالات الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وتستند تلك المعادلة إلى أن الخصوصيات المختلفة لا تشكل حاجزا بنيويا لا للنضال الوطني ولا لتكامله. أكثر من ذلك، لم تشكل حقيقة انشغال كل “خصوصية” بقضاياها المحلية – حيث تعطي الضفة أولوية لإنهاء الاحتلال، وتعطي غزة أولوية لرفع الحصار والشتات للعودة والداخل للمساواة- أرقا للذين يرون في السياقات جميعها سياقات نضالية تتكامل بفعل استنادها إلى تشخيص عدو واحد وإلى تشخيص نفس الهدف وإن بسياقات وأدوات مختلفة: النضال ضد مفاعيل ومخططات المشروع الصهيوني
لكن إدخال الداخل تلقائيا لمعادلة “تكامل النضال”، دون محاذير ودون تحديد شروط تحقق “التكامل”، والتعامل مع سياق المواطنة كسياق ضمن السياقات الأخرى، تلغي خصوصية خصوصية الداخل، التي تخرج عن أن تكون مجرد سياق أو أدوات. فالفلسطينيون لا يناضلون ضد مبدأ المواطنة، كما يناضل شعبهم ضد مبدأ الاحتلال أو الحصار أو اللجوء، أي أن الاحتلال والحصار واللجوء هي جرائم يناضل شعبنا ضدها، بينما المواطنة مركبة، إذ أنها الجريمة والحل معا، وهي مركبة كونها تملك قدرة كبيرة على تطبيع ذاتها كحالة مواطنة طبيعية، وهي لكي تتحول في وعي الداخل لجريمة، أي لكي يظهر بعدها الاستعماري، فهي تحتاج لحالة كبيرة من الاغتراب الوجداني ومن الوعي السياسي ومن السلوك ضد “الطبيعة السياسية” للمواطنة. .
ينتج من ذلك أن غلبة خصوصية الداخل قد تكون على حساب العام ليس بمعنى ترتيب الأولويات فقط، ولا بمعنى تجزئة السردية، بل بمعنى الخروج منها أو حتى التناقض معها. ويكون هذا التناقض، عبر بناء علاقة طبيعية مع إسرائيل خارجة عن الصراع تماما، حتى لو تم النضال من أجل حقوق أو مفاهيم معينة للمساواة، بما قد يوصلنا لإجراء “صفقة داخلية” بيننا وبين إسرائيل تبرم بمعزل عن شعبنا وعن تاريخنا وعن نضالنا وعن تحديات صفقة القرن وعن كل شيء.
بمعنى آخر، في الوقت الذي قد تغلب (الشدة على اللام) الضفة قضايا الاحتلال والمعاناة اليومية للاحتلال في الضفة عن التحرر قضايا العودة وقضايا نظام الدولة الاستعماري، وقد تغلب غزة قضايا الحصار، تبقى قضية الاحتلال والحصار واللجوء قضايا تحرر بحد ذاتها وبطبيعتها وبجوهرها، ولا يمكن النضال فيها من خارج فلسطينيتك. لكن الداخل، قصة أخرى، فليس “لزاما” علينا، أن نحمل قضايانا الخاصة، وأن ندافع عن حقوقنا اليومية كفلسطينيين، نحن نستطيع أن نفعل ذلك “كإسرائيليين” أي من خارج حالة الصراع مع المواطنة أو حالة الصراع حول معنى المواطنة. نحن نستطيع أن نختار هل نحمل قضايانا اليومية من داخل التعريف الإسرائيلي للمواطنة كأي معارضة إسرائيلية عادية، عبر تبني مفاهيم “المواطنة الطبيعية”، أم أن نحمل قضايانا من خارج المواطنة المعروضة علينا وضمن عملية صراع على جوهرها ومن خلال التصادم معها كـ”مواطنة استعمارية”. كمثال على ذلك: هل نوصي على غانتس كأي معارضة صهيونية لنتانياهو، أم لا نوصي عليه كمعارضة تستمد مرجعياتها السياسية من خارج منطق حيز المواطنة؟ هل يتحكم بسلوكنا السياسي التعامل مع أنفسنا كـ”شأن إسرائيلي” داخلي يرى حدود اللعبة السياسية كحدود إسرائيلية، أم تتحكم به معايير الحراك الوطني الفلسطيني التي لا ترى إمكانية لمحاربة صفقة القرن إلا ضمن الحيز الفلسطيني العام، وعبر توضيح وتعميق تكاملنا مع الحراك والنضال الفلسطيني الجاري الآن.
قضية غلبة أولويات المحلي على العام، هي ليست مشكلة الداخل، بل مشكلته حرف منطق القضايا المحلية عن منطق النضال الوطني العام من جهة، أو التعامل مع الهم الوطني العام كلاعب إسرائيلي لا ينطلق أصلا من التكامل مع الفعل الفلسطيني ولا يهدف إليه وقد يتناقض معه. مرة أخرى غانتس: خيار التوصية على غانتس مثلا، لم تنطلق إشكاليتها إطلاقا بسبب تغليب قضية محلية على قضايانا الوطنية العامة، بالعكس، بالذات في هذه المحطة الهامة تعلق منطق التوصية بقضية وطنية عامة، القضية بأل التعريف: صفقة القرن. القضية كانت هي القضية العامة الصحيحة، لكن بدل أن نتفق في الداخل على أننا في خضم لحظة تاريخية ومحطة استراتيجية تدعونا للتصرف كفاعل فلسطيني لا تحكمه جدالات اسرائيلية محلية، بطرح مشروع مواطنة بديل للمواطنة الاستعمارية التي تقوم إسرائيل “بطرحها علينا” بوضوح وبمباشرة ودون توريات ليبرالية، عكس قرار التوصية على غانتس الاستمرار في التبعية للمركز الإٍسرائيلي، أي الاستمرار في الهامش بل وطرحه كمشروع الداخل السياسي.
تنعكس هنا الخصوصية بشكل ساطع كبارادايم وليس كسياق أو كظروف قاهرة، وتنعكس كبعد أيديولوجي وليس فقط ظرفي، أي كإجابة على سؤال كيف يعرف الفلسطينيون موقعهم من الصراع، وليس كمجرد أولويات بين قضايا محلية وأخرى وطنية عامة.
أما الرمزية الساطعة الأخرى، التي تشير إلى الخروج بل التناقض مع سرديتنا التاريخية، وليس إلى مجرد الغرق في “المحلية”، فتتجلى في المشاركة في جنازة بيرس أو الاحتفال السنوي المثابر بـ”ذكرى رابين”. لقد سوق الاستعداد للمشاركة في جنازة شمعون بيرس، وإبداء الندم على عدم المشاركة، وفي إحياء ذكرى رابين، كسلوكيات امتنان لرجلي سلام في الوقت الذي يتموقع فيه اثناهما في الذاكرة الفلسطينية كرجلي حرب واستيطان وعناقيد الغضب وتكسير العظام، فيما يشبه استفراد الداخل بإجراء عملية مصالحة ثنائية من طرفه، خارج سردية شعبه، وفي الوقت الذي لم يفوضنا فيه شعبنا بذلك. تنكشف هنا الخصوصية فاقدة الصلة بمرجعيتها العامة، على شكل استفراد الداخل أو بعض من خطابه السياسي ، بإجراء “مصالحات تاريخية” خارج سؤال العدالة. إن هذه الدرجة من استقلالية “الخصوصية” تعكس قدرتها على التحول إلى باراديم يطور مرجعياته من داخله، دون علاقة بشعب أو بقضية عامة.
الخصوصية كبارادايم مقابل الخصوصية كعائق نفكر في تجاوزه
يرتبط بارادايم “الخصوصية” بالاستكانة إلى فرز المصير السياسي للفلسطينيين في الداخل عن مصير شعبهم عبر تبني مشروع دولتان لشعبين، الذي يتبناه رسميا وعمليا الحزب الشيوعي والجبهة، والذي يمثل قناعة بالمشروعية الأخلاقية لإسرائيل وليس مجرد الاستسلام لموازين القوى الذي تجسده أوسلو. ورغم الحاجة التي يراها البعض في استعمال مصطلحات أسند عليها التيار القومي مشروعه السياسي، الذي طرح بعد أوسلو فكرة “دولة المواطنين”، في محاولة لبناء خيال سياسي يتمحور حول تفكيك الدولة العبرية عن مشروعها الصهيوني، (المهمة المستحيلة –لكن الطبيعية- لقصرها على فلسطينيي الداخل) مصطلحات مثل “نستمد مواطنتنا من علاقتنا (قد يضيف الأصيلة) مع الوطن”، “نحن أهل الوطن” ( في التيار القومي نقول: نحن أصحاب الوطن)، ومؤخرا، هنالك حديث عن “كيانية وطنية موحدة” للداخل، في الوقت الذي يسعى فيه الفلسطينيون إلى التأكيد على كيانيتهم السياسية الجامعة كشعب.
ما أريد أن أقوله، هو أن “تطور” هذا الخطاب باتجاه استعمال تلك المصطلحات لم تعن، كما رأينا في الجزء الأول من المقال، وكما سنرى لاحقا، تطويرا للبعد الفلسطيني، بل بالعكس، بدا أن تلك المصطلحات تغطي على تراجع سلوك بعض ممثلي هذا التيار باتجاه أكثر تبعية لقوى اللايمين الإسرائيلي، . وقد نرى تجسيد ذلك في الإصرار الذي حمله بعض ممثلي هذا التيار على عدم رفع العلم الفلسطيني أثناء التظاهر ضد قانون القومية، الأمر الذي يعني الإصرار على التعامل مع القانون كقانون مدني يمس بالحقوق المدنية لمجموعة قومية من المواطنين، ويمس “بالديمقراطية الإسرائيلية”، وليس كقانون تطهير سياسي ترفعه دولة استعمارية في وجه الشعب الفلسطيني صاحب هذا الوطن.
يتعامل هذا التوجه مع حالة المواطنة داخل الدولة اليهودية، كحالة مواطنة طبيعية ونهائية، ويكمن نضاله في تحسين ظروفها ومضامينها الحقوقية، وليس إلى تغيير علاقتها مع الفلسطيني كعلاقة يتحكم في سرديتها تاريخ وهوية الفلسطيني نفسه، أي كعلاقة يقوم فيها الفلسطيني بصناعة تلك المواطنة وليس فقط في “الانضمام لها” أو لهامش فيها.
بالتالي ينطلق هذا الفهم من المواطنة كنقطة انطلاق لكي نفهم علاقتنا بالوطن وليس العكس، وما قد تتركه قسرا المواطنة الإسرائيلية للوطن هو مفهوم وجداني وعاطفي غامض ولا يشكل استحقاقات سياسية واضحة. بالتالي نرى سهولة تبرير النائب السابق مسعود غنايم، الذي أكن له مشاعر التقدير والاحترام الكاملين، من الحركة الإسلامية الجنوبية عندما يتطرق إلى نهج وخطاب منصور عباس بأننا في الحركة الإسلامية نحقق نقطة “توازن بين الوطن والمواطنة”. “التوازن” هذا بين الوطن والمواطنة، والذي يحتمل التوصية على غانتس من جهة، والمشاركة في إحياء ذكرى رابين سنويا من جهة أخرى، ورفض لقاء أسر الشهداء في القدس، والعمل على عدم رفع علم فلسطين عند الاعتراض على قانون القومية، أقول أن كلمة “توازن” هذه، هي الضريبة التي يدفعها تيار “المواطنة الطبيعية”، أو تيار الدولتين لشعبين، أو تيار الخصوصية كبارادايم، وذلك لمجاراة التيار السياسي الذي يحتكم في سلوكه داخل المواطنة إلى علاقته بالوطن، أي ذاك الذي يجعل الوطن هو مرجعية علاقته مع المواطنة، وليس العكس. وكلمة التوازن هذه هي وصفة الخلاص لكل من يستطيع أن يرى التوازن أو “الوسطية” في أي شيء يقرره مسبقا.
تعكس هذه النقطة الأخيرة، سؤال: كيف نرى موقعنا من الصراع، فيرى هذا التيار في فعله السياسي جزءا من حراك “يسار إسرائيلي”، ومن هذا الموقع هو يناضل من أجل القضية الفلسطينية، ولا يرى نفسه جزءا من حراك وطني فلسطيني (بغياب حركة وطنية فلسطينية)، مستقل عنه في المشروع السياسي الذي يمثله.
يواجه هذا النهج المهيمن اليوم على الساحة في الداخل، نهجا معاكسا يرى في المواطنة ما تراه إسرائيل فيها: استراتيجية ضبط وسيطرة تطهيرية، على فلسطينيي الداخل أن يناوروا بين تجاوز بعدها الاستعماري وبين استغلال هامش الحرية التي تتيحه. بالتالي يرى التيار القومي الذي هيمن على الساحة السياسية لحوالي العقدين بعد أوسلو، أن إدراك المواطنة كمواطنة استعمارية شرطا للحفاظ على موقعنا السياسي وعلى هويتنا وشخصيتنا الوطنية، وفي نفس الوقت يرى ضرورة في أن نأخذ “مواطنتا بجدية” كسياق الحياة اليومية للفلسطينيين في الداخل، وكضرورة بقاء يومي ووطني من خلال المناورة داخل الهامش الذي تتيحه تلك المواطنة دون تذويت هذا الهامش كأيديولوجية أو كبارادايم أو كقناعات سياسية.
يعي هذا التيار العملية المركبة “لإدارة المواطنة”، التي هي بطبيعتها تشبيكية وتطبيعية أكثر منها اشتباكية، ويعي صعوبة صناعة الاغتراب معها –الاغتراب الضروري، الاغتراب النبيل- كحاملة لتفاصيل حياة يومية تحكم بالاحتواء وبالإغراء ليس أقل مما تحكم بالعنف وبالقهر.
لقد حول هذا التيار النقاش في حقوق المواطنة إلى نقاش على المواطنة، مما اعتبرته إسرائيل تهديدا استراتيجيا.
المواطنة خارج النقاش وقوانين تجريم النضال السياسي
يتضح مما تقدم أن التحرر من بارادايم “الخصوصية”، يكمن في إعادة بناء العلاقة بين الوطن والمواطنة، وفي ربط معنى المواطنة بسرديتنا التاريخية، حيث هناك “نكتشف” أنها مواطنة استعمارية وليست مواطنة طبيعية. كما ويدعي المقال أن هذا التحرر ليس شرطا فقط للتواصل مع نضالنا ومع بعدنا الفلسطيني، بل إنه أيضا شرطا للخروج من هامش فعلنا السياسي. أي أن العمل من داخل سياق المواطنة لا يتطلب تبني سردية المواطنة الإسرائيلية.
تلك المواطنة التي تعيد بناء علاقتنا بالوطن، لا تفهم المساواة بشكل ليبرالي سطحي، إنما تفهمها كمساواة متصادمة مع جوهر الدولة ووظيفتها ومنطقها السياسي. فترى مثلا، أن خطابنا يكون ناقصا أو جزئيا إذا ما طالبنا بالمساواة في قوانين الجنسية بإصرار أن يتم ذلك دائما وحتما دون استحضار النكبة والتطهير العرقي. وأننا لا نستطيع التصدي لقوانين الولاء دون أن نربط ذلك بمعنى الولاء لدولة تمثل تجاهي مشروع تطهير، وأننا لا نستطيع الإصرار على قصر النضال ضد مصادرة الأراضي دون تبيان الغبن التاريخي لأصحاب الأرض الأصليين، كما لا نستطيع أن نتفادى الربط الضروري أحيانا بين التعامل مع نسبة العمل المتدنية للنساء الفلسطينيات وبين الاستيلاء المستمر على أراضي الفلسطينيين، ولا أم نعمل على رفع نسبة النجاح في الشهادة الثانوية في المدارس العربية بتجنب مقصود ومصطنع للتطرق لدور سياسات جهاز التعليم العربي في تغريب الطالب الفلسطيني ذاتيا وجماعيا وتاريخيا وجغرافيا.
عينيا، فتح مشروع دولة المواطنين، بعد أوسلو، الباب على مصراعية حول معنى المواطنة عندما تصطدم بوجود بشري كان قائما قبلها وما زال يعي نفسه سياسيا وهوياتيا خارجا عنها، وقد برر التيار القومي المساواة التي يطرحها بأنها “مساواة تنبع من علاقتنا مع الوطن ولا تنبع من علاقتنا مع مواطنتنا”، كما أكد أن “المواطنة مفروضة علينا ولم تطرح علينا كخيار”، وأننا “نعي نضالنا ضمنها كشكلا من أشكال التمسك بالوطن والبقاء فيه”. كان واضحا من مشروع دولة المواطنين، أن مرجعيته الأخلاقية والسياسية هي الوطنية الفلسطينية، وليس الوطنية الإسرائيلية، بل ما يتصادم معها بالضرورة.
لقد مثلت هذه المواطنة المستحيلة، ضمن مشروع دولة المواطنين المستحيل، حالة حماية للداخل من التطبيع مع الحالة الاستعمارية للمواطنة. وهي مهمة شاقة، أشق كثيرا وتختلف نوعيا من إمكانية تذويت الاحتلال أو الحصار أو الشتات كحالة طبيعية، نظرا للعنف اليومي المستمر ضمن تلك السياقات الأخيرة، ونظرا لاستحالة تحويل حالات تمثل في جوهرها جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية لحالة وجود طبيعي. بالمقابل، فأن المواطنة نفسها هي حالة يسهل تسويقها بنيويا ويوميا كحالة طبيعية، مهما احتوت من عنف، هي حالة تحوي إلى جانب عمقها الاستعماري سلوكيات وإغراءات “تطبيعية” كبيرة، وتحتاج لكم كبير من الاغتراب الإنساني عنها، ضمن سياق مليء بزملاء وترقيات ومناصب ونفوذ وإنجازات فردية وجماعية، أو ضمن سياق تواق للإنجازات الفردية والسياسية، التي ستنبع كلها بالضرورة من مؤسسات المواطنة نفسها.
ولأن مفهوم “دولة المواطنين” مثل محاولة التخلص من أسر “بارادايم الخصوصية” قام الشاباك عام 2008 بتعريف اجتثاث هذا النقاش السياسي كأحد أهدافه الرئيسية، وعرف مجرد التشكيك بإسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، ك”تهديد استراتيجي”. وبذلك حاولت إسرائيل سد النقاش حول المواطنة، حول طبيعتها وجوهرها، حتى قبل صعود اليمين للحكم عام 2009، أما اليمين فقد عمل على قوننة تلك الملاحقة عبر “قانون القومية”، معيدا إنتاج قانون الانتخابات 7أ، ضمن سردية صهيونية كاملة، ومجيبا عمليا على طرح تحدي دولة المواطنين بأن تختار الدولة العبرية ما بين يهوديتها وديمقراطيتها، ليس فقط بأختيار البعد اليهودي وتجيير البعد الديمقراطي له، بل وبتجريم كل من “يسائل” حول ذلك.
لم يكتف اليمين بما عرفه الشاباك كتهديد استراتيجي، بل قام وبخلاف توصية الشاباك بإخراج الحركة الإسلامية الشمالية عن القانون، وبمحاولة السيطرة على سقف أعضاء الكنيست كأفراد، عندما اتضح صعوبة منع الأحزاب من خوض الانتخابات، وذلك عبر سن قانون يتيح للكنيست طرد أعضائها، بالإضافة إلى محاربة التمثيل البرلماني للفلسطينيين عبر قانون رفع نسبة الحسم. وفيما تربص اليمين بكل أطياف المشهد الفلسطيني تحريضا، خص اللايمين حصة الأسد للتحريض على التيار القومي تحديدا، و وعلى أفراد منه، وعلى فرزهم دون غيرهم، واعتبار التيار القومي أو ممثليه “عبئا على الحياة المشتركة” أو “عبئا على النضال من أجل الخدمات والحقوق”، أو “عبئا يمنع إسرائيل من أن تكون أقل وطأة وأكثر ديمقراطية وطبيعية تجاه مواطنيها”.
الهامشية: بين التفاهمات مع اللايمين والتفاهمات مع اليمين
تعبر الأزمة الحالية داخل المشتركة عن أحدى تجليات أو تبعات أزمة السياسة في الداخل، لكنها ليست هي الأزمة، هي المؤشر فقط، هي الظاهرة لعنوان أوسع، والتعامل معها كمشكلة وليس كتعبير عن مشكلة هي عملية تورية وهو ما سيؤبد الأزمة ويفاقمها ولن يؤجل موجاتها القادمة .
وبهذا المعنى فإن الادعاء الذي يبرر عقد تفاهمات مع نتانياهو بصيغة “لقد أوصينا على غانتس فماذا كانت نتيجة ذلك؟” هو ادعاء منطقي يراد به باطل تشريع مسار انحدار إضافي . لقد دافع نهج التفاهمات مع نتانياهو عن نفسه، بأن ميز بينه وبين منتقديه على أنه فرق بين “أسلوبين”، أسلوب “عقلاني وعملي” وأسلوب “مستفز”. أسلوب يؤمن “بعلاقات طيبة لتحقيق منجزات” وأسلوب “عدائي” ينطلق من وضوح أهداف السياسة التي نحاربها ونسعى لتغييرها في نفس الوقت.
خطاب الأسلوب هذا هو عملية تورية لاختلافات أبعد من “الأسلوب” يريد البعض إخفاءها، وقد سبق وعرفت السياسة عندنا كيفية التنصل من مواقف سياسية بحجة رفض ” الأسلوب”، وسبق وعرفت استخدام معايير “العلاقات الطيبة لتحقيق إنجازات”. أكثر من ذلك، سبق للمشتركة نقاش “عدم أهلية” كاتبة هذا المقال لترأس “لجنة محاربة العنق والجريمة” ذاتها، كونها “لا تتمتع بعلاقات طيبة مع الشرطة”، الأمر الذي لم يمر.
منطق العلاقات الجيدة غير الاستفزازية هو ذاته، سوى أن الفارق بين الحالتين يكشف ديماغوغية المنطق، كما يكشف النجاح في تسطيح السياسة وفي تحويل مضامينها الشائكة إلى قضية “أسلوب”. يدفع ثمن ذلك من يعتقد أن السياسة تتعدى مشهديتها.
بالإضافة لذلك، يريد نهج التفاهمات مع نتانياهو أن يجرب طريقة جديدة، ما المانع؟ لقد تم تسويق نهج القدرة على التفاهم مع المجتمع الإسرائيلي (المعسكر العربي- اليهودي) ومع لا يمينه
(غانتس) تحت غطاء ” أعطوني سنتين أجرب”. صحيح، لماذا لا “نجرب”؟ بما أننا نمارس السياسة خارج معناها، خارج الفعل السياسي الحقيقي، وباستعراضية لا تثير حتى التسلية … فلنجرب.
ثم لماذا يجري الآن التوقف عند ما يحدث داخل لجنة محاربة العنف والجريمة، ولم يجر التوقف في محطات سابقة حملت معان سياسية مدمرة للبعد الفلسطيني الوطني وممهدة لما يحدث الآن, التوصية على غانتس هي تمهيد لما يحدث الآن أكثر بكثير مما هي نقيض له. ذاك الحماس لبناء معسكر يهودي عربي في عز احتفالية خطاب الخدمات وفي عز يأس الإسرائييلين اللاصهاينة أنفسهم من مجتمعهم، ماذا يحمل غير تبرير دعوات إقامة أحزاب يهودية-عربية، وبأي منطق سيبرر معارضته لتلك المحاولات؟ المشاركة في جنازة بيرس (مثلها مثل إبداء الندم بعدم المشاركة)أو الاحتفال السنوي المثابر ب”ذكرى رابين”، اللتين سوقتا كسلوكيات امتنان لرجلي سلام يتموقعان في الذاكرة الفلسطينية كرجلي حرب واستيطان وعناقيد الغضب وتكسير العظام، ماذا تعني غير الاستفراد بإجراء مصالحة ثنائية خارجة عن سردية شعبنا، في عز الوقت الذي تستهدف فيه أسس سرديتنا الوطنية؟.
السياسة في الداخل الآن، في خضم بحث الفلسطيني عن الخروج من حالة فقدان معنى وجوده الوطني، هي عبارة عن “تجربة” المدى الإسرائيلي الذي يمكن التوغل فيه، ضمن سيولة في السلوكيات، وعناد في رفض مواجهة المرحلة التي تستدعي بلورة مشروع سياسي جامع ينطلق من رؤية فلسطينية تعادي بوضوح كل ما تمثله القوى الإسرائيلية من عداء تجاه شعبنا، وتحمل بنفس الوضوح مشروعها الديمقراطي العادل.
هذه هي الأزمة، وتعريف الأزمة أنها أزمة “تفاهمات مع نتانياهو” أو أزمة انشقاق المشتركة أو أزمة أدوات سياسية أو أزمة سطوة العمل البرلماني، هو تعريف نابع من تذويت الهامشية، ومن قصر السياسة على عملية إدارة الأزمات.
وضمن مستوى آخر من المعنى: أليست تلك السلوكيات ناتجة أيضا عن رغبة في “تسويق” جديد للضحية على أمل قبولها وجلب منجزات لم ينجح بها “أسلوب مستفز” آخر؟
الأحزاب العربية والتسويق الجديد: بين التبرير الذاتي واقتناص الفرص
لقد دخلت التيارات السياسية جميعها: القومي والشيوعي والإسلامي، مؤخرا، وبعد سلسلة من “الهزائم” التي امتحنت ردنا: إخراج الحركة الإسلامية عن القانون، قانون القومية، قانون طرد أعضاء الكنيست، تعديل قوانين الإرهاب، قانون رفع نسبة الحسم، ملاحقة التجمع كحزب وملاحقة أفراده ضمن قضايا ماثلة حتى اليوم أمام النيابة، منع التجمع وهبة يزبك من خوض الانتخابات، الذي جاء فيما يشبه عملية الدفاع عن النفس، وشعور أحزابنا بالحاجة “لشرعنة” ذاتية ولسلوك شبه اعتذاري “عما سبق”، وانخراطها في مسار من “التسويق من جديد””. هذه اللغة وهذا المنطق ليسا حكرا على ما يحدث حاليا، بل يمثلان “منطق” السياسة عندما تعمل وفق سقف “الاستفزاز” الإسرائيلي، منطق أن تقرر إسرائيل شكل النضال ضدها، وما المريح لها لقمعه وما المريح لها لتتعامل معه، هو منطق ليس بجديد..
نستطيع أن نلمح خلال السنوات الأخيرة، داخل كل تيار مؤشرات أزمة عبرت عنها لغة “التسويق من جديد”، وقد اتخذ كل حزب تعبيراته عن أزمته وفق احتياجاته ووفق أولوياته السياسية، انطلقت الجبهة من أولوية البحث عن دور في الشارع الإسرائيلي، ممثلة بشعار المعسكر العربي اليهودي، وذلك في أوج غرق هذا الشارع في الفاشية والعدائية، ورغم الحقيقة البسيطة التي تكمن في أن الإسرائيلي الذي يخرج من حالة العدائية هذه، هو إما ذاك الذي يصوت للمشتركة بكل الأحوال أو ذاك الذي لا يؤمن هو نفسه بإمكانية العمل مع المجتمع الإسرائيلي. لقد حصل هذا أيضا في أوج وجود المشتركة كأداة تسهل وتحفز على إعادة تنظيم الفلسطينيين في الداخل على أساس وحدة القضية الفلسطينية.
أما التيار القومي فنتجت أزمتنا على خلفية صراعنا مع مخطط لاجتثاثنا بالكامل من الساحة السياسية، واختارنا أيضا في حالتنا تكتيكا يستند على عملية “تسويق من جديد”، وأيضا ضمن لهجة اعتذارية عما مضى، لم نوضح فيها على ما يبدو، أو لم نميز، بين تسويق” اعتذاري، يناقض مبرر وجودنا، وبين “تسويق” ينزع الشيطنة والتحريض عنا كحركة وكأفراد.
وبالنسبة للتيار الإسلامي الجنوبي، موضع النقاش اليوم، فهو معروف بشدة براغماتية منذ نشأته، وهو حاليا، ليس أكثر من ورقة الليتموس التي تكشف حقيقة المرحلة والتي تجد في المرحلة فرصة للعب دور أوسع، سيما بعد إخراج الحركة الإسلامية الشمالية عن القانون. تعرف إسرائيل أن تلعب الدومينو أيضا…
المشتركة – عندما السياسة ليست مسألة أدوات
في خضم تلك الديناميكات الحزبية، يبرز في المشهد لاعبا يتم التعامل معه باستقلال نسبي عن الأحزاب: المشتركة.
قامت المشتركة كسباحة ضد التيار وخارج المناخ، وبتجسيد أمل في مرحلة تختنق فيها الآمال. قامت برسالة وحدة في ظل مشهد طافح بالانقسامات الفلسطينية والعربية، وبدت كأنها رسالة انتصار وبرهان أن الإرادة السياسية تستطيع أن تغلب المناخ السائد أو على الأقل أن تخرج عنه. وفعلا في ظل المشتركة حصد الأمل وفرح الناس الطبيعي والحقيقي بوحدة تمثيلهم، استقطاب جماهيري غير مسبوق للأحزاب العربية وحصدت المشتركة 85% من أصوات الناس ومن آمالهم وتوقعاتهم، كما استقطبت أنظار المشهد الفلسطيني وما تزال.
وشهدت المشتركة في عهدها أكبر الامتحانات السياسية منها منع أعضاء الكنيست من زيارة الأقصى، إخراج الحركة الإسلامية خارج القانون، احتجاز جثامين الشهداء، قانون القومية نقل السفارة وصفقة القرن، وبقراءة باردة ومسح واضح، نستطيع أن نقول أن في أي من تلك المحطات لم تبد المشتركة أداء أفضل من أداء الأحزاب متفرقة، وقراءة أكثر تمعنا تجعلنا نقول أن مبدأ الأداء الموحد ضبط وقيد حرية الأداء السياسي للأحزاب داخل المشتركة كثر بكثير مما أعطاها قوة.
لكن كما بين القسم السابق فأن تلك القراءة غير دقيقة. قراءة داخلية للأحزاب تبين أن المشتركة لم تكن إلا حاضنة –وإن غير حيادية- لصراعات وديناميكيات كانت تجري داخل الأحزاب نفسها. بهذا المعنى المشتركة لم تكن “تستحق” اتهامات كثيرة وجهت لها، لكنها مع ذلك لم تكن بريئة منها تماما، ذلك أن ديناميكيات المشتركة نفسها وإنتاج ساحة سياسية مستقلة نوعا ما عن الأحزاب، ساعدت على إنتاج أدائها بالصورة التي خرج بها.
بالتالي بدل أن تتقاطع المشتركة مع الظرف السياسي الحرج الذي يعيشه شعبنا، تأثرت أكثر
برغبتنا كأحزاب أن “نجرب” أو أن “نسوق أنفسها من جديد”، بكلمات أدق، كانت المشتركة ضحية الأجندات الداخلية “الطموحة” لبعض الأفراد، وضحية تخبطاتنا الداخلية.
بالإضافة لذلك سهلت المشتركة عملية “التسويق الجديد” للأحزاب، فأولا: لم تكن بعض المواقف السياسية لتمر حزبيا، أو لتمر بمثل هذه السهولة دون ذريعة “الحفاظ على وحدة المشتركة”، وثانيا: لم تكن بعض المواقف الغريبة الأخرى لتمر دون توفر كتلة برلمانية كبيرة الحجم كظهر تستند إليه، فالمعسكر العربي اليهودي، لم يكن ليشطح دون الاستناد المعنوي إلى المشتركة كتمثيل لقوة كبيرة في الشارع العربي، ثالثا: أخذت بعض السلوكيات معنى أكبر من حجمها عندما يقوم بها “رئيس المشتركة”، حتى لو قام بها دون توكيل من المشتركة أو حتى خلافا لموقفها، وفي أحيان مخالفا موقف حزبه نفسه، رابعا: ساعد الإطار الذي وفرته المشتركة على تصدير النقاش، بالذات الخلافي منه، من الأحزاب إلى “رباعية المشتركة” وحسمت الكثير من النقاشات هناك، دون أن تمارس الأحزاب تأثيرها اللازم وأحيانا دون علمها. أكثر من ذلك، عملية توازن القوة ذاته انتقل من أن يكون توازنا بين أحزاب إلى أن يكون توازن قوة بين أشخاص داخل رباعية المشتركة، تتدخل فيها العلاقات الشخصية كعامل مركزي، الأمر الذي يضعف الثقل السياسي للأحزاب.
بهذا المعنى، وبالحكم على هذه التجربة حتى الآن، علينا أن نسأل فيما إذا نجح عمليا قانون رفع نسبة الحسم بأن يلجم البعد الوطني في الكنيست في حين لم ينجح رسميا.
باختصار، توفر تجربة المشتركة مؤشرا إلى أن الأدوات في السياسة،مهما قويت، لا تفرز منطقا منافيا للرؤية السياسية التي تحكمها.
بين فن الممكن والممكن بدون فن – أرادة سياسية
بدل أن يتم الاستئناف على هيمنة تيار التفاهمات مع اليسار الصهيوني على المشتركة، من جانب مشروع فلسطيني مستقل يقف على الجهة الأخرى من الصراع مع إسرائيل، تقوم الآن الإسلامية الجنوبية بالاستئناف عليها الآن من جانب خطاب يشبهها أكثر، يشبهها “عندما تشيخ فتزداد حكمة”!
إن ما يحدث في المشهد السياسي الحالي للداخل هو ” تكثيف وتصعيد لادعاءات مزمنة عمرها أقل بقليل من عمر” المشتركة، كما قال محلل سياسي في سياق موضوع بعيد عما نتناوله، والحل لا يكمن بالعودة لما سبق الأزمة، ولا بتجاوزها، بل إنه يكمن في إعادة النظر في جذور المشكلة وتصليب المشتركة عبر تصليب مشروعها السياسي الذي يفضح الواقع الاستعماري الذي نعيشه ويطرح بديله الديمقراطي.
(اللوحة للفنانة منال ديب)