يستغرب المرء أحياناً من كمية العنصرية التي تظهر لدى المنظمات الصهيونية المتطرفة, ولكن ربما كان السبب لهذه العنصرية هو اكثر غرابة.
إحدى هذه المنظمات التي تسعى لتهويد القدس هي منظمة “لاهافا” التي تسعى إلى القضاء على الوجود العربي في المدينة. وهي تقوم بذلك من خلال تحويل حياة الفلسطينيين في القدس المحتلة إلى “جحيم” لا يُطاق بحيث لا يُمكن الاستمرار بالعيش فيها، الأمر الذي قد يدفعهم في نهاية المطاف لمغادرة المدينة. وذلك نتيجة غياب الأمن الشخصي والجماعي والشعور الدائم بالتهديد والإرهاب، بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة والضرائب الباهظة التي تثقل كاهل المواطن المقدسي في ظل غياب مشاريع الدعم العربية والدولية.
الجدير بالذكر أن هذه المنظمة قد تأسست عام 1999 بهدف منع ظاهرة الزواج المختلط, أي زواج الفتيات اليهوديات من غير اليهود، والعرب على وجه التحديد، بالإضافة إلى رفض انصهار “غير اليهودي” في حياة اليهود, ومحاربة ذلك بشتّى الطرق والوسائل.” لاهافا” هي الحروف الأولى من كلمات مقولة “لمنع الانصهار في الأرض المقدسة!” باللغة العبرية، وتعني في العربية “اللهب”. ترفض هذه المنظمة بشكلٍ قاطع اندماج الفتيات اليهوديات في حياة العرب, فتسعى إلى “إنقاذ الروح اليهودية” من خلال إنقاذ الفتيات اليهوديات من العرب قبل “تورّطهن” في هذه العلاقات، وإعادتهن إلى “الشعب اليهودي” قبل فوات الأوان، عملاً بالمقولة اليهودية “كل من يُنقذ روحاً واحدة من إسرائيل وكأنما يُنقذ العالم بأسره “.
وقد أنشأت المنظمة خطا هاتفيا يُمكن لأي شخص الوصول إليه والتحدث مع أحد منتسبي المنظمة والتبليغ عن الحالة، وبعدها تبدأ المنظمة حملة “استعادة” للفتاة بشتّى الطرق والوسائل. كما وتُفعّل المنظمة نشطاء، مهمتهم هي ملاحقة الفتيات في كل الأماكن، لإقناعهن بضرورة العودة “لشعب إسرائيل”. ولهذه المنظمة منتسبون يعملون على تسيير دوريات لمراقبة حركة الفتيات اليهوديات والتأكد من الهوية القومية للمرافقين ومهاجمة العرب منهم، إلى جانب تكثيف الضغوطات على أصحاب المحال التجارية والمصانع التي تُشغّل يهوداً وعرباً كونها تزيد من فرص الاختلاط. وتمارس الضغط على أصحاب هذه المحال والمصانع لطرد العمال العرب. وحتى سائقي سيارات الاجرة المقدسيين الذين يُقلّون فتيات يهوديات خلال عملهم يتعرضون لملاحقة أفراد المنظمة. وتُصدر هذه المنظمة باستمرار شهادات للمصانع والمحال التجارية التي لا تُشغّل عرباً في إطار تشجيع مبدأ “العمل العبري”.
وبما أن عمل المنظمة يستمرّ لفترة طويلة لضمان عودة “آمنة” للفتيات “للشعب اليهودي”, تعمل المنظمة على توفير مساكن لبعض الحالات، والرعاية المادية التي تأتي من الحكومة الإسرائيلية. بينما يشير نشاط المنظمة الذي يصل إلى حدّ الاعتداء الجسدي والتهديد بالقتل والممارسات العنصرية الداعية لقتل العرب, وانتشارها بكثافة خلال العقد الأخير, لغياب جهاز الشرطة والمؤسسات القضائية الإسرائيلية وعدم اهتمامها بمعالجة هذه الظاهرة.