كيف تعلمنا أن ننسى: في الطريق إلى مستنقع لبناني آخر؟
لقد مرت 42 سنة على حرب لبنان الأولى، وها نحن نقترب مرة أخرى من نفس المستنقع المألوف. لا يعني ذلك بأنه من غير الممكن التعلم من الماضي، وإنما لايريد أحد أن يتعلم .
حملت حرب لبنان الأولى اسم حرب “سلام الجليل” وكان من المفروض أن تجلب الأمن والسلام إلى الشمال، ولكننا جميعنا نعرف كيف انتهت: 18 عاما من الحرب الدموية، وتعزيز وجود حزب الله في الشمال، وإرث يتضمن ثمن دموي باهظ وانهيار اقتصادي عميق .
وعد أرييل شارون حينها بحل “المشكلة الفلسطينية” وتغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط. ماالذي نتج من ذلك ؟ مستنقع عميق في لبنان وإقامة حزب الله – وتسجيل التاريخ لمجزرة صبرا وشاتيلا . نعم، نفس مظاهرة “400 ألف” في ساحة ملوك إسرائيل (رابين) في سبتمبر 1982، نفس الاحتجاج المدني الذي أخرجنا إلى الشوارع . تشكلت لجنة التحقيق الحكومية وأقيل شارون، لكن ماالذي حدث بعد ذلك ؟ 18 عاماً أخرى في لبنان، والبلد يراوح مكانه ولا يوجد حل في الأفق .
وماذا بشأن نتنياهو؟ في بداية طريقه ، عندما أتيحت له الفرصة لقيادة انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان ووضع حد للورطة، اختار عدم التحرك. والآن، في مواجهة معركة متعددة الجبهات في غزة ولبنان مرة أخرى يجد صعوبة في تحديد سياسات وتحركات سياسية وأهداف واضحة للجيش والمواطنين . وبدلاً من وضع خطة عمل واضحة، نراه يهدد باختراق جنوب لبنان (وربما أبعد من ذلك)، في وقت يسيطر فيه علينا خوف من جبهة شمالية أخرى.
العبء، كالعادة، يقع على عاتقنا جميعا. ولكن هذه المرة ، أصبحت الساحة معقدة أكثر بعدة أضعاف، وقد تكون العواقب أكثر خطورة.
التصورات الخاطئة لاستخدام القوة العسكرية غير المترافقة بتسوية سياسية، والتي قادتنا إلى الغرق في لبنان قبل حوالي 50 عاما ، لا تزال قائمة. والمناورة العسكرية الحالية تبدو وكأنها تكرار لأخطاء الماضي ، رغم أنه في هذه المرة يتعلق الأمر بمحور جهادي إيراني أكثر ذكاءا وحنكة .
و إسرائيل غير قادرة على المواجهة بدون دعم ومشاركة أمريكية دائمة . وأيضا الآن، مثلما كان عليه الحال آنذاك، نرى اللامبالاة السياسية والدبلوماسية التي أدت إلى التخلي عن المخطوفين وإلى كارثة عملياتية وأخلاقية أخرى من شأنها أن تثير المجموعة الدولية ضدنا .
إذا ماالذي تعلمناه من كل هذا ؟ المرة تلو الأخرى، ينزل الشعب إلى الشوارع ــ ولكن الوهم بأنه يمكن حل المشاكل السياسية
بالقوة العسكرية، من دون تحديد أفق سياسي، يدفع النظام إلى العمل بشكل تلقائي.
هل سنتعلم من الماضي ونتجنب ورطة أخرى أم سوف نستمر مع نفس التصورات ؟ سوف ندفع الثمن، وفي النهاية سيتم أيضا طردنا من المدينة .
موقع واللا العبري