كيف تطارد لعنة الطفلة هند رجب أفراد الجيش الإسرائيلي في دول العالم؟
عشية التاسع والعشرين من يناير من العام الماضي، كانت الطفلة هند رجب من تل الهوى في غزة على موعد غير متوقع مع رصاص الجيش الإسرائيلي وحصار دباباته. اختبأت هند خلف سيارة، ترتعش خوفاً ، واتصلت بواسطة هاتف محمول برنا من مركز اتصال الطوارئ التابع للهلال الأحمر الفلسطيني. بصوت خافت، قالت هند: “الدبابة بجنبي، هيّا تتحرك.” سألتها رنا: “هل هي قريبة منك؟” أجابت: “كثير، كثير قريبة .. عمتوا تعالي خذيني.. أنا خايفة كثير كثير.” بعدها، سكت صوتها فجأة بعد أن اخترق جسدها الصغير وابل الرصاص. تخليداً لذكراها، أسس مجموعة من الفلسطينيين في بلجيكا مؤسسة هند رجب للحقوق بهدف الملاحقة القضائية لجنود وقيادات إسرائيلية بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
ماتت هند، وبسبب هذه المبادرة الواعية بقيت قضيتها تلاحق قاتليها. نعم، في خطوات غير مسبوقة، أصبح قرار محكمة العدل العليا الدولية وتقارير مؤسسة “هند رجب” الحقوقية بمثابة كابوس يطارد عناصر الجيش الإسرائيلي في كافة أنحاء المعمورة. هذا الواقع لا يحمل في طياته فقط تبعات قانونية، بل يمثل جبهة جديدة قد تتسع وتتعمق، أشار إليها مصدر عسكري إسرائيلي كبير بالقول: “نحن على جبهة جديدة لم نستوعب خطورتها بعد.” هنا تتجلى المخاوف الإسرائيلية بوضوح من توسع ظاهرة أوامر الاعتقالات الدولية التي تستهدف جنود وضباطاً شاركوا في الحرب على غزة. تشير التقارير إلى إصدار أوامر اعتقال لأكثر من 12 عسكرياً إسرائيلياً في دول مختلفة حول العالم، تشمل البرازيل، هولندا، سيريلانكا، صربيا، تايلاند، أيرلندا، بلجيكا، قبرص، وغيرها.
يترافق مع ذلك تصاعد حاد في مستويات النقد والهجوم الإعلامي ضد الإسرائيليين، حيث ارتفعت هذه الهجمات في شبكات التواصل الاجتماعي بنسبة كبيرة بلغت 63% في النصف الثاني من عام 2024. ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، بل شهدت الهجمات الجسدية ضد الإسرائيليين زيادة بنسبة 104% في نفس الفترة الزمنية، بحسب تقرير القناة 12 الإسرائيلية، مما يعكس تصدياً متزايداً من قبل المجتمع الدولي تجاه الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة ضد الفلسطينيين.
في سياق متصل، تُبرز هذه التحديات دور الجمعيات المدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني، مثل مؤسسة “هند رجب” وغيرها، التي تُعتبر رائدة في جمع المعلومات حول جرائم الحرب والضباط الإسرائيليين المشاركين فيها. تختص هذه الجمعيات بمتابعة ونشر الفيديوهات التي يتشاركها الضباط بأنفسهم عن تجاربهم في العمليات العسكرية في غزة، مما يعزز من دعاوى الاعتقالات ويساهم في رفع مستوى الوعي العالمي حول الانتهاكات.
خلاصة القول:
التحديات التي تواجهها إسرائيل في هذا السياق تعكس تحولاً ملحوظاً في الديناميكيات العالمية، حيث أصبحت جرائم الحرب تُخضع للمحاسبة حتى في أبعد الزوايا من العالم. وقد يكون هذا التطور بدايةً لمرحلة جديدة من المسؤولية القانونية والعدالة الدولية. إنها لعنة هند رجب وضحايا حرب الإبادة الجماعية في غزة تطارد مجرمي الحرب.