كنفاني والعودة إلى الطريق

لا يعني غياب كنفاني موته وحسب بل هو يعني كل ما فقدناه خلال 49 سنين غيابه.

مجرد النظر لصورته تذكرني بالإستقامة حين كنا نثق بأن من يناضل من أجل الوطن هو مناضل من أجل وطننا ومن أجلنا. بتنا اليوم لا نعرف هل الأمر كذلك أم أن أموالاً من هنا وهناك ترفع هذا وتسقط ذاك. ومصالح شخصية تجعل من الكلام وعوداً براقة ومن الفعل خذلان يتلو خذلان..

مجرد النظر لنظرته تجعلنا نلاحظ ثقته بطريقهِ وتوجه نظرته نحو هدفٍ كان واضحاً له, وبتنا اليوم لا نعرف ما هي أهدافنا كشعب.

اللباس الأنيق وتسريحة الشعر المرتبة والذقن الحليقة والشارب المشذب, فيها رمزية تجعلك تقتنع بأن مواصفات الأناقة كانت واضحة, كما كانت ايضاً تعريفات الأخلاق واضحة: الصدق, الإستقامة, الاخلاص, وغيرها… تعريفات انسانية مقنعة غايتها خير المجتمع. فسلوك الإنسان كان يُقيّم  على ضوء القواعد الأخلاقية التي تضع معايير للسلوك. ويعتبرها التزامات ومبادئ يمشي عليها, وواجبات تتم بداخلها أعماله.

وبينما كانت تلك السلوكيات تنمو بالفطرة بتنا اليوم نربطها بفروض دينية, تحدد المسموح والممنوع, المرغوب والمرفوض بحسب آياتٍ وبحسب الخطب, وعلى ما يبدو لا تدخل دائماً قلوبنا وعقولنا, بل تبقى تطفو على السطح, هلامية تتماشى مع الواقع وتتغير بحسبه.

ومع ذلك فهنالك الابتسامة ملئ الفم…

الإبتسامة باقية, أبدية لأن مصدرها واحد وهو قوة الحق وعمق الجذور.

وعندما نتساءل كيف نستعيد ما فقدناه, لربما يكون علينا العودة والبحث عما أفقدونا اياه داخل ذواتنا, من خلال تجاربنا التي خضناها, كلٌ بحسب مكانه وبحسب عمره, في بلادنا الممتدة على طول هذا الشرق وعرضه…

ربما بعد أن نطيل البحث, نجد أنفسنا ثانيةً وربما عند ذلك نعود لنجد الطريق …

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *