كم تضيق بك هذه البلاد يا “سميرة”!

كم تضيق بك هذه البلاد يا “سميرة”! أتخيلكِ الآن وأنت تركضين تائهة في طرقات المستشفيات وبين لوبياتها المتصارعة؛ بعد أن عاد السرطان لاستعمار جسدك النحيل..
عندما قابلت “سميرة” العام الفائت، تشاركنا الدموع، حينها قالت : ” كان أبنائي يبكون علي في الغرفة المقابلة لغرفتي…ثم يخرجون منها ضاحكين ويقولون: يا الله يا ماما ما أجمل هذه الشعرة الصغيرة التي بدأت تنبت في رأسك، أنت جميلة جدًا يا ماما…ثم يبدأون بتصوير رأسي، ووضع مساحيق التجميل على وجهي…ثم لا يكفون عن ترديد عبارة، كم أنت جميلة يا ماما…كم أنت جميلة”…كانت دموعها تلك، دموع حارقة، تحطمني مثل تلك الدموع..
الآن “سميرة” تائهة بين لوبيات المستشفيات، فهل تدرك معنى أن يوصف لك دواء ضمن طاقم طبي، ثم لا يتوفر منه هنا إلا البديل، البديل الذي يعمل فقط بنسبة 60%! ثم هل تدرك معنى أن يقول لك الطبيب بأن الآخرون ليسوا أكفئ منا، وأنه يتوجب عليك أن تأخذ هذا الدواء، فلا يوجد غيره!
ثم هل تتخيل “بشاعة” ألا تجرؤ “سميرة” الحديث عن كل ذلك، لأنها خائفة من انتقامهم!
نعم يا أعزائي، “سميرة” ليست إلا اسمًا مستعارًا لإمرأة خائفة الآن، إمرأة تائهة، تحمل اسمًا آخر، تواجه “موتًا” من جراء شرور هذا العالم إذا ما نطقت وتحدثت!