رغم قناعتي بأنّ التاريخ لا يُعيد نفسه؛ واختلاف الظرف الزماني والمكاني؛ والأهم اختلاف الثقافة والظروف الاجتماعية السياسية؛ إلاّ أني أرى تقاطعات مهمة بين كمونة باريس وما تحياه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني من انفصال حد التناقض بين الطبقة السياسية وتجلّياتها من سلطتي أمر واقع ومعارضات متماهية بهما من جهة وعامّة الشعب أو أغلبيته من جهة أخرى.

هناك فاضلت  السلطة بين الخضوع لألمانيا أو الانحياز للشعب؛ فآثرت مصلحتها لأنها أدركت نهايتها على يد الشعب؛ واستسلمت لألمانيا مُتنازلةً عن الإلزاس واللورين لتستقوي بالمحتل على شعبها..

رجال كمونة باريس كانوا من العمال المياومين والمهن المتدنّية كالاسكافي وغيرها من شرائح المجتمع الأكثر بؤساً؛ لكنّها كانت الأكثر وعياً بسبب الظلم الواقع عليها؛ وتجلّت نظرتها الانسانية بانصهار وتعاطف مُحبي العدل والحرية حتى لو كانوا ألمان أو لأي بلد تعود جذورهم؛ فالهدف الانتصار للإنسان والعدالة الاجتماعية..

ما تعيشه القضية الفلسطينية أوصل الناس لفقدان أدنى ثقة بالساسة المتنفّذين والمعارضين الذين يعيشون في بروجهم العاجية ويناقشون كما بيزنطة كم ملاك يرقص على رأس الدبوس؛ وهل يفطر الصائم إذا عُصر في فمه حبة عنب إرغاماً؛ في حين كانت بيزنطة مُحاصرة..

إنّ التغيير قادم لسفُه ما يختلف عليه الساسة وامعانهم بإذلال الناس حرصاً على بقائهم ومصالحهم..

ليس الجوع فقط الذي يقرع الأبواب بل أيضاً امتهان كرامات الناس بالتعامل معهم بعلو الوضيع..

آن لكمونة فلسطين أن تشق طريقها لتحمل الراية وتثور على ساسة الغفلة والاحتلال بذات الوقت بخطاب كرامة وعدالة اجتماعية وتحرّر من الاحتلال برؤية إنسانية لا دينية ولا ايديولوجية؛ لشعب يرفض الاحتلال كما يرفض الفساد السياسي..

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *