تقديم وترجمة لمقال لبيتر أوبورن وفطين عبيد في ترمسعيا نشره موقع ميدل ايست آي في 23 يونيو 2023 يسلط الضوء على واقع السلوك الارهابي للمستوطنين اليهود الأمريكيين اتجاه المواطنين الأمريكيين الفلسطينيين في بلدة ترمسعيا، وتقاعس الحكومة الأمريكية عن حمايتهم .

وللمصادفة كان الدكتور رضا بهنام العالم السياسي الأمريكي المختص في السياسة الخارجية الأمريكية وتاريخ وسياسة وحكومات الشرق الأوسط،. قد نشر بنفس اليوم مقالا على موقع كاونتر بنش بعنوان: “هل ستتم محاسبة إسرائيل في يوم من الأيام ؟ ” أشار فيه إلى السياسة الأمريكية التي تمنح إسرائيل حصانة استثنائية، وتعفيها من المساءلة والمحاسبة حتى عند انتهاكها القوانين الأمريكية وتلحق الأذى بالقوات والمصالح الأمريكية، وتضر بسياستها الخارجية وبسمعتها ومكانتها الدولية.

وأورد في مقالته عينة من المخالفات الإسرائيلية التي استوجبت فرض عقوبات عليها، أسوة بالسياسة الأمريكية المنتهجة ضد خمسة وعشرين دولة مدرجة الآن في قائمة عقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC). وأشار إلى ان إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم المستثناة من نفاذ القوانين الدولية والأمريكية، على الرغم من كل مخالفاتها. “فلديها نظام فصل عنصري راسخ، وتغزو وتستولي بالقوة العسكرية على الأراضي الخاضعة لسيادة دول أخرى، وتواصل احتلالها بشكل غير قانوني.وترفض دفع تعويضات للأشخاص الذين صادرت أراضيهم وحساباتهم المصرفية وأعمالهم التجارية. وتمارس العقاب الجماعي. وتنفذ بشكل روتيني هجمات جوية ضد دول ذات سيادة، وتتحدى قرارات الأمم المتحدة بشكل متكرر، ولديها أسلحة نووية خارج إطار الرقابة الدولية ، وترفض التوقيع على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، وترسل القتلة إلى دول أخرى لقتل خصومها السياسيين. وتطلق العنان للهجمات الإلكترونية. وتبيع برامج التجسس والأسلحة للأنظمة الاستبدادية. وترفض محاكمة جنودها الذين يقتلون المدنيين والمواطنين الأمريكيين. وتستخدم تكنولوجيا المراقبة لتتبع وتقييد حركة الأشخاص الذين تهيمن عليهم. وسبق ان جندت المواطن الأمريكي جوناثان بولارد للتجسس وسرقة وثائق سرية من وطنه الولايات المتحدة، ثم رحبت به كبطل وجعلته مواطنا فيها. وهاجمت طائراتها النفاثة وزوارق الطوربيد الإسرائيلية عام 1967 باخرة التجسس الأمريكية يو إس إس ليبرتي في المياه الدولية رغم علمها بأنها أمريكية، مما أسفر عن مقتل 34 وإصابة 171 جنديا أمريكيا. وتعرضت ناشطة السلام الأمريكية راشيل كوري ،البالغة من العمر 23 عاما، عام 2003 للسحق تحت جرافة إسرائيلية أثناء احتجاجها على هدم منزل عائلة فلسطينية في رفح بقطاع غزة. وفي كانون الثاني/ يناير / 2022 توفي الفلسطيني الأمريكي عمر أسعد، 80 عاما عند حاجز تفتيش في الضفة الغربية بعد أن اعتقلته القوات الإسرائيلية وقيدته ومنعته من تلقي العلاج. وقتلت في أيار /مايو / 2022 الصحفية الفلسطينية الأمريكية شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها للغارة على جنين. ولم تحاسب على اي من افعالها تلك . ولفت الكاتب إلى أن واحدا فقط من هذه الانتهاكات كان سيضع البلد المخالف على قائمة عقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية لواشنطن، ويصنفه على أنه نظام إرهابي. ومع ذلك ، لم تؤد كل هذه التجاوزات الاسرائيلية إلى أي رد فعل من الولايات المتحدة الامريكية . وأضاف، ايضا، إلى أن الرئيس جو بايدن ، مثل أسلافه، لن يعاقب إسرائيل.

فهل يكف الساسة الفلسطينيون خصوصا والعرب عموما عن الرهان على الولايات المتحدة الامريكية والنظام الدولي لإنصافهم؟ ويعون أن الاعتماد على الذات وعدم الفصل بين السياسة والاقتصاد ومقاومة الاستعمار الصهيوني والاستيطان ورفع كلفة استمراره لتفوق عوائده- كما علمنا تاريخ جميع الشعوب التي تحررت- هو وحده الكفيل بهزيمة المستعمرة الصهيونية وحماية الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة والعالم من أخطارها.

وهل يفهم مواطنوا أمريكا والغرب الفلسطينيون والعرب أن الولايات المتحدة الأمريكية وعموم الغرب والعالم، لا يفهمون سوى لغة المصالح ، فيوظفون عناصر قوتهم في مواطنهم الأمريكية والغربية، لإجبار حكوماتها على إدراك أن لقراراتها وسياساتها الخارجية المعادية لأوطانهم الأصلية وأهلهم كلفة يتعين دفعها ؟

عنوان المقال:

” كان من الممكن أن نكون جيران في تشيكاغو “: الأمريكيون الفلسطينيون يهاجمون من قبل المستوطنين”

كثير من سكان ترمسعيا مواطنون أمريكيون. عندما أضرم المستوطنون النار في منازلهم في الضفة الغربية هذا الأسبوع، أعتقد البعض أن هذا سيكون “آخر يوم لهم على وجه الأرض”

‎بيتر أوبورن وفطين عبيد في ترمسعيا ، فلسطين المحتلة

‎ميدل ايست آي

23 يونيو 2023

https://www.middleeasteye.net/…/chicago-we-could-have…

‎مثل العديد من سكان قرية ترمسعيا الفلسطينية، عائلة عبد العزيز، هم من الأمريكيين الفلسطينيين. ‎وبالرغم من أن لديهم حياة طويلة وسعيدة وناجحة في تشيكاغو، إلا أنهم لم يقطعوا جذورهم بفلسطين، وقررت ألفت عبد العزيز هذا الصيف أن الوقت قد حان لإعادة أطفالها إلى القرية التي نشأت فيها. وكان من المفترض أن تكون عطلة العمر. إلا أنها تحولت إلى كابوس.

‎أخبرت أمل ابنة ألفت البالغة من العمر 20 عاما ، وهي طالبة كلية الصيدلة في تشيكاغو ، ميدل إيست آي، كيف كانت تؤدي واجباتها المدرسية بعد ظهر يوم الأربعاء، عندما سمعت ضوضاء عالية في الشارع خارج المنزل. خرجت هي وشقيقتها الكبرى نور إلى شرفة منزلهما المنفصل الكبير لمعرفة ما كان يحدث. لقد كان ذلك خطأ شبه قاتل. إذ لا شيء في حياتها الأمريكية قد أعدها لما جاء بعد ذلك.

‎شاهدت حشدا من حوالي 50 مستوطنا إسرائيليا ينتقلون من منزل إلى منزل ، وكثير منهم يحملون أسلحة في أيديهم ويرتدون على وجوههم أقنعة سوداء، ويهاجمون كل من رأوه، ويعتدون بوحشية على رجل فلسطيني يعتني بحديقته. بعد ذلك رأوها. وركز الغوغاء على عائلتها. وفي حالة من الذعر ، ركضوا إلى الطابق السفلي للاحتماء. وقالت أمل : “لقد اعتقدنا حقا أن هذا كان آخر يوم لنا على الأرض. اعتقدت أنني لن أصل إلى عيد ميلادي العشرين” ،الذي كان في اليوم التالي. في هذه الأثناء ، كانت أختها المتزوجة حديثا نور تراسل زوجها. وكان النص كالتالي: “إذا كانت هذه هي المرة الأخيرة التي أراك فيها، فأنا أحبك وأتمنى أن أراك في الآخرة”.

‎من الناحية العملية ، اتصلوا بالقنصلية الأمريكية في القدس في نداء يائس للمساعدة. لا يوجد رد. وبينما كانوا يختبئون في القبو كان المستوطنون يضرمون النار في منزلهم حيث يتواجدون. قالت نور : “لولا بعض الرجال الشجعان في القرية الذين دخلوا واطفأوا النيران المشتعلة، لكان المنزل بأكمله قد احترق”. كان يمكن رؤية الضرر في كل مكان. نوافذ محطمة وعلامات احتراق على الموقد الذي يفصل الشرفة عن المنزل الرئيسي. تم حرق سيارة سكودا الخاصة بالعائلة، التي كانت متوقفة بالخارج، وتحولت إلى رماد.

‎قالت ألفت عبد العزيز التي تعمل مدرسة في تشيكاغو، لموقع ميديل ايست آي: لقد كان هجوما متعمدا. والجزء الأكثر رعبا هو أن الأشخاص الذين هاجمونا هم في الأصل مواطنون أمريكيون. إنهم فخورون بكونهم أمريكيين إسرائيليين “. وأضافت إنه بالعودة إلى الولايات المتحدة ، كان من الممكن أن نكون جيرانا. ولم تكن قادرة على التحقق من هويات المستوطنين المسؤولين عن الهجوم على منزل عائلتها. لكن المهاجرين من الولايات المتحدة يشكلون بالفعل نسبة كبيرة من السكان المستوطنين.

‎فقد نقلت صحيفة هآرتس العام الماضي بيانات عن المكتب المركزي للإحصاء الاسرائيلي تظهر أن حوالي 40 % من جميع المهاجرين الذين انتقلوا إلى مستوطنات الضفة الغربية في العام 2021 كانوا من الولايات المتحدة. ووفقا لتقديرات العام 2016 ، يمثل المواطنون الأمريكيون حوالي 15 % من إجمالي عدد المستوطنين البالغ 450 ألفا.

‎يبلغ عدد سكان بلدة ترمسعيا الواقعة على طول الطريق الرئيسي الذي يربط مدينتي رام الله ونابلس بالضفة الغربية حوالي 4000 نسمة. لكن هناك حوالي 14 ألف فلسطيني من سكان القرية يعيشون في الخارج، معظمهم في الولايات المتحدة. وجاء هجوم الأربعاء بعد هجمات ليلية شنها مستوطنون في عدة بلدات بالضفة الغربية إثر مقتل أربعة مستوطنين إسرائيليين في إطلاق نار على محطة بنزين بالقرب من مستوطنة عيلي، على بعد بضعة كيلومترات شمال ترمسعيا.

‎قال لافي أديب رئيس بلدية ترمسعيا لموقع ميديل ايست آي أن حوالي 400 مستوطن مسلح هاجموا القرية. وفيما كانت عائلة عبد العزيز محظوظة في النجاة بأرواحهم من الأذى ، يعيش الآخرون في القرية الآن حدادا. وصف المزارع المحلي رجا جبرا كيف اندفع ابن أخيه عمر هشام جبرا إلى مطعمه لتحذيره عندما بدأ المستوطنون من مستوطنة شيلو المجاورة في الهجوم عبر القرية. في البداية أطلق رجا وعمر أبواق سيارتهما ليطلقوا الإنذار، ثم خرجوا من سياراتهم لمواجهة الغوغاء الهائجين. يتذكر رجا أن عمر كان أمامه وأصيب برصاصتين في صدره. أخبرنا قروي آخر أن عمر البالغ من العمر 27 عاما ، والذي كان متزوجا ولديه طفلين صغيرين، قُتل أثناء محاولته إنقاذ آخرين. حمل رجا ابن أخيه المحتضر إلى سيارة إسعاف كانت منتظرة على بعد 500 متر ولم تستطع الاقتراب بسبب الفوضى. ثم عاد إلى موقع الهجوم حاملا رجلا آخر إلى سيارة الإسعاف. إجمالا، تم الإبلاغ عن إصابة 12 شخصا، في حين تم حرق حوالي 30 منزلاً وتدمير ما يقرب من 60 سيارة. وعلى عكس الكثير من سكان القرية ، فإن عمر جبرا ليس مواطنا أمريكيا. بالرغم من أن أقاربه قالوا لموقع ميدل ايست آي أن زوجته وأطفاله يحملون جوازات سفر أمريكية.

‎تحدث موقع ميدل إيست آي إلى شقيقه عبد الله- الذي طار طوال الليل من منزله في تكساس للانضمام إلى عائلة أخيه في حزنهم- وقال : نحن الأمريكيون الفلسطينيون ندفع الضرائب للحكومة الأمريكية كمواطنين مخلصين. والسيد بايدن يساعد في تمويل إسرائيل بأموالنا وضرائبنا. وبينما كان يحمل ابن أخيه عمر البالغ من العمر ثلاث سنوات بين ذراعيه ، والذي يُدعى أيضا عبد الله ، سأله موقع ميدل ايست آي عما إذا كان لديه رسالة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن. أجاب عبد الله: “نحن نطلب المساعدة لجميع المواطنين الأمريكيين في فلسطين ولحماية حقوق الإنسان الأساسية”. اما بالنسبة للحكومة الإسرائيلية ، فقد طلب أن “يتركونا بسلام “.

‎في مؤتمر صحفي في واشنطن يوم الأربعاء ، سُئل متحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية عن “الإجراءات الملموسة” التي تتخذها الحكومة الأمريكية لمنع المزيد من الهجمات على ترمسعيا ، بالنظر إلى وجود مواطنين أمريكيين وممتلكات أمريكية واسعة النطاق في القرية. قال فيدانت باتيل للصحفيين: “نواصل الانخراط في هذه القضية بشكل مباشر. نتخذ خطوات من خلال الحوار، عبر مشاركتنا في المنطقة، من خلال إثارة هذا الأمر مباشرة مع المسؤولين الإسرائيليين وكذلك المسؤولين في السلطة الفلسطينية”.

‎تساءلت ديان كورنر ، القنصل العام البريطاني في القدس. كيف يمكن أن يحدث شيئا مثل هذا الهجوم الكبير في هذه البلدة الهادئة،؟” بالنظر إلى حقيقة أن العديد من السكان هم مواطنون أمريكيون، وبالتأكيد ليس لديهم أي صلة بالإرهاب. كان عدي جبرا، ابن عم عمر، قد عاد لتوه إلى ترمسعيا لحضور حفل زفاف صهره.الذي تم حجزه في يوم الهجوم وتحول إلى رعب. وصف عدي كيف حوصرت زوجته بدرية وابنته هيام البالغة من العمر 4 سنوات وأفراد آخرين من العائلة في منزل محترق أحاطه المستوطنون بالسيارات المحترقة. وقال إنه أُجبر على تسلق جدار طوله ثلاثة أمتار للوصول إليهم في منزل كان بالفعل مليئا بالدخان، حيث رشقه المستوطنون بالحجارة. وأضاف: “لا أعرف كيف فعلت ذلك، لقد فقدت كل خوف في الأزمة”. وأضاف : أن ابنته قالت له “أرجوك أعدني إلى كاليفورنيا”. وهي الآن تخاف جدا من النوم في غرفتها.

‎عندما سأله موقع ميدل ايست آي عن رسالته إلى الإدارة الأمريكية ، أجاب: ” التوقف عن الاستماع إلى جماعات الضغط. والانتباه إلى حقوق الإنسان الأساسية “.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *