في كل صباح عيد ،كان علينا أن نسابق الشمس باتجاه بيت جدتي ..ذاك البيت الصغير المكتظ بأجيال عائلتنا من كبيرهم حتى رضيعهم ..ملتفين جميعنا حول أطباق الكعك الفلسطيني المدور المحشو بالتمر ..الذي أعدته جدتي بمقادير لاتمحى من ذاكرتها …ولأن طقوس العيد هناك لها رتم خاص..كان على أبي وأعمامي التوجه باكرا   لمقبره المخيم لتوزيع بعضا من الحلوى على روح جدناوان كان أبي لا يتذكر وجهه… فقد مات جدي شابا مقهورا فور لجوءه لسوريا ..وتركه بلدته الجميله في الجليل الاعلى   …

أما عن الطقس الثاني الاطول زمنا وارهاقا ….كان تجولهم بين زواريب المخيم  وزياره الاقارب والاحباب ..ولم أكن لأبالغ انهم قد يحيون ويسلمون على الثلاثين الف من سكان المخيم في احتفالية استثنائية مشبعه بطعم حلولا يتذوقه الا من كان هناك ….وفي اثناء ذلك تتجمع خلية الصغار بقياده ابن عمي المدجج  بأسلحته الاصناعيه والمفرقعات الناريه وولاعه يدسهاةبحقيبه احدانا…

نخرجها وقت طلبه …متوجها بنا الى ساحه الاعاشة ..حيث تكون الالعاب الكثيره والحلويات المكشوفه وجميع أشقياء المخيم ….الا أنني في عيد  من الأعياد كنت متوعكة..أعاني  من  الحمى وقد نمت….واذ بي أصحو على صوت طرق اللحم في جرن الكبة الحجري الذي التففن حوله عماتي..

تتناوبن على الدق  وتنسيل الهبره من شعيرات دهنيه بدقه وتأن ..لأعي حينها انني قد فقدت فصرتي بالذهاب للألعاب وانهرت من فورها بنوبة   بكاء صاخبة عند الباب احمل حقيبتي البراقه المحشوة بالعيديات ..بلوحة حزينة مشفقة …لكل من يراها ….فيباغتني  ابن عمتي الكبير مكفكفا دمعي محاولا مواساتي بقوله (ان بكيت اكثر ستختفي عيناك وستصبحين وجها بانف وفم فقط) ….وما ان بدأت بالشهق والتنهد حتى أخذ بيدي متوجها بي للساحه وفي حين بدأت باستيعاب الامر اخرجت  ربطات على شكل فراشات ملونه زينت بها شعري وحلقت…..في العاب تصعد وتهبط …واخرى تتأرجح ….وكان هو يحتوي لهوي  بصبر ومسؤولية ابتسامات يرسلها لي حين كنت اتفقده.. لأطمئن ….

عمر طويل مضى….وقد رحلنا عن الساحة وبيت الجده الا انه بصحبتي   وفي كل عيد يمسك بيدي متوجها لمدينة الالعاب ….لألهو مع أولادنا ….عيد سعيد للجميع …

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *