عوني المشني

ليس مقال ، ليس دراسة ولا بحث ، مجرد افكار للحوار ، لا سياق يجمعها سوى كونها تخص الحالة الفلسطينية ، هي تفكير بصوت عال ، تثير اسئلة اكثر مما تقدم اجوبة ، تستفز العقل بطريقة تشجع على التفكير خارج الصندوق ، لك ان ترفضها او تقبلها ولكن بعد اعادة التفكير بها ، وفي كلا الحالتين هذا امر جيد ، فان يقود المرء عقله في اتخاذ مواقف من قضايا تنعكس عليه افضل الف مرة من ان ينقاد لرأي الاخرين .
قضايا للنقاش ليس موضوع ينتهي ، سيرورة وصيرورة الحياة تفرض دوما من المستجدات قضايا للنقاش ، فكيف اذا كان الامر في فلسطين حيث تتسارع الاحداث وتتشابك بطريقة تجعل دوما هناك من هو عاجل وجديد ؟!!! لهذا سيكون المقال اسبوعيا وبقضايا جديدة ، سيكون عرض للقضايا ولكن ليس من موقع الحياد ، فالحياد امام قضايا الوطن والمواطن هروب من المسئولية ، نحن جزء من الحدث وموقفنا نابع من التزامنا ، ولهذا فاننا نعرض القضايا موقع الالتزام ، ربما هذا ليس مهنيا كصحافة ، ولكنه منهج ملتزم حتى وان كان صعبا ومكلفا .
وما اكثر القضايا التي تستحق النقاش ، وفي ظل تزاحم القضايا فاننا سنختار الاهم ثم المهم ، المستجدات ثم نعود للخلف تدريجيا ، التي تنعكس على اوسع الفئات من شعبنا ثم الاقل فالاقل وهكذا ، صحيح ان ذلك نسبي فما تراه انت هو الاهم ربما يراه البعض اقل اهمية ، او العكس ، ولكن قدر الامكان ستكون خياراتنا في تناول القضايا بما يشكل قضايا راي عام ، وتجنب شخصنة القضايا قدر الامكان ، والبحث عن القواسم الجامعة ، لن نغرق في الترف الفكري ، ولا تجرفنا التفاصيل الهامشية ، سنضع القضايا في سياقها العام ، وسنرى الغاية اكثر من التوقف عند رؤية الاشجار المتفرقة .
قضايا للنقاش محاولة لنقل القضايا من النقاش في الغرف المغلقة الى النقاش في الفضاء المفتوح وباوسع مشاركه ، اعمال العقل الجمعي والذي هو اكثر رقيا واعمق نظرة من اي عقل فردي مهما على شأنه ، وهذا ان لم يأتي بالجديد المبدع فهو يوحد الموقف ويخلف فهم عام حتى للقضايا المختلف حولها ، خاصة عندما يكون الاختلاف حضاريا بدون شخصنة وبلا مواقف مسبقة وبدون حدية ثأرية . لم نبدأ بعد ، هذا تقديم ضروري لسلسلة مقالات لفهمها في سياق يربط ما بينها .
سنبدأ :
سنبدأ من حيث اخر القضايا ، الطريقة التي تم اعتقال نجل زكريا الزبيدي ، حيث وكما شاهدنا في الفيديو الذي يوثق الحادثة جرى اعتقاله بطريقة اقل ما يقال انها غير قانونية واستخدمت فيها القوة المفرطة وبعد ان تمت السيطرة عليه وبدون ان يهدد سلامة الذين اعتقلوه. الحدث وتكراره في مناسبات متعدده يعبر عن اندفاع غير مبرر لاستخدام مفرط للقوة ، نتج عن ذلك وفيات وتعذيب في المعتقلات وجروح ، وهذا يقودنا لنقاش الدولة والقوة والقانون بشكل اكثر عمقا .
صحيح ان الدولة هي من يتوجب عليها احتكار امتلاك واستخدام القوة في منطقة نفوذها ، وصحيح ايضا انها يتوجب ان تستخدم القوة في وضع يكون فيه عدم استخدامها تهديد لسلامة من ينفذ القانون او تهديد بعدم انفاذ القانون . لكن استخدام القوة في غير تلك الحالتين هو انتهاك للقانون ذاته يوجب ملاحقته قضائيا واداريا .
الدول الاقوى هي الدول التي تستخدم ادنى درجات القوة لانفاذ القانون ، نقول ادنى درجات القوة وليس اعلاها ، فالسويد اقوى من السودان رغم ان السودان يستخدم القوة لقمع المعارضين ، وايطاليا اقوى من السعودية رغم عدم وجود معتقلين سياسيين في ايطاليا … وهكذا . قوة الدول تنبع من عدالة القوانين اولا ومن انفاذها على الجميع بدون اي استثناءات ولا مواربة . قوة الدول تكمن في قدرتها على توفير متطلبات شعبها بالحد الاعلى ، قوة الدولة تقاس بثقة الجمهور بحكوماتها .
فلاسفة الادارة السياسية لدينا يعتبرون العنف اداة لاستعراض القوة وهو على العكس تماما فهو تعبير عن ضعف الدولة .
قضية نجل زكريا الزبيدي ، وقبلها نزار بنات ، وقبلها وقبلها وقبلها ، اضعفت السلطة الفلسطينية اكثر مما عززتها ، اضعفت مصداقيتها والثقة بها والاستعدادية للدفاع عنها ، والرغبة الجماهيرية في دعمها .
الذي يجب ان يتغير هو فلسفة الادارة السياسية اولا ، وبعض القوانين الحائرة ثانيا ، وتعزيز دور القضاء ثالثا ، والانتهاء من الاستثناءات رابعا ، وتوجيه مقدرات السلطة لتحقيق حاجات الجمهور خامسا .
هذا ربما صعبا ، ولكن الاصعب ان عدم تغييرة يستوجب او يفرض تغيير السلطة برمتها ، هذه ليست امنية ولا رغبه ولكن هذا هو منطق الادارة السياسة ، ان لم تغير ما بك سيكون ضرورة لان تتغير انت بغيرك ، هل هذا ايضا صعب على الفهم ؟!!! هذا هو اهم بديهيات علم الاجتماع السياسي . ومن بديهيات علم الاجتماعي السياسي ايضا اذا لم تتغير سلميا بطريق ديمقراطي ستتغير بطرق اخرى ، وشرعية الخارج لا تضمن البقاء .

عن معا

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *