قراءة في منهجية د. حيدر عبد الشافي تجاه التحديات الراهنة
بالذكرى الثالثة عشر لوفاة القائد الوطني الكبير د. حيدر عبد الشافي حيث فارق الحياة بتاريخ 25/9/2007 من الهام استذكار مسيرته وقيمة ومبادئه وذلك تقديرا له بوصفة رمزا للنزاهة والمصداقية وعنوانا للوحدة الوطنية من جهة ومن أجل استلهام تجربته والتعلم منها واستخلاص العبر والدروس في مواجهة التحديات الماثلة امام شعبنا وأمام القضية الوطنية بصورة عامة من جهة ثانية.
تأتي هذه المقالة في إطار التصور لمنهجية تفكير الراحل الكبير عبد الشافي وذلك بناء على مسار حياته الحافل بالعطاء في مواجهة تحديات الواقع الراهن.
فكيف كان سيفكر ويتصرف د.حيدر لو بقي حيا بهذه الظروف وأمام المخاطر الكبرى التي تعصف بقضية شعبنا والممثلة بصفقة القرن وخطة الضم ومسار التطبيع ومخاطر فايروس كورونا؟
بالتأكيد فهو سيرفض كل ذلك وسيدعو الى توفير الوسائل والطرق والأدوات لإفشال المخططات السياسية ومقاومتها هي وفايروس كورونا.
انه سيعمل بالضرورة على الضغط وحث كافة الأطراف وخاصة الحركتين الكبيرين فتح وحماس على إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية بالسرعة الممكنة وبالعمل على إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني ومؤسساته التمثيلية على ارضية ديمقراطية وتشاركية وعبر الانتخابات والتي من خلالها سيتم تجديد الدماء وإعطاء الفرص للأجيال القادمة من الشباب على طريق تعزيز الشراكة السياسية.
لقد كانت لدية رؤية ثاقبة تجاه اتفاق أوسلو وخاصة تجاه تأجيل موضوع الاستيطان لمفاوضات الحل النهائي حيث اعتبر أن الأرض هي ساحة الصراع الرئيسية وبدون وقف الاستيطان لا معنى لأي عملية سياسية وهذا كان موقفه الذي كان يؤكد عليه في مفاوضات مدريد واشنطن عندما كان يرأس الوفد الفلسطيني.
كانت إجابته باستمرار على تساؤل ما العمل؟ الذي كان يعكف على ترديده دائما يكمن بتحقيق الوحدة الوطنية وتشكيل القيادة الوطنية الموحدة التي يجب أن تشمل كل فصائل العمل الوطني والاسلامي دون استثناء وذلك بهدف إدارة الصراع الوطني في مواجهة الاحتلال والاستيطان حيث وصل عدد المستوطنين بالضفة الى أكثر من 750الف بالوقت الذي كان عددهم ابان توقيع اتفاق أوسلو حوالي 120الف الي جانب الكفاح ضد نظام الابارتهاييد والمعازل العنصري.
كان سيدعو الى تعزيز صمود المواطنين والتركيز على البقاء ومقاومة سياسات وإجراءات التهجير الاحتلالي وتوفير سبل العيش الكريم لهم اي لأبناء شعبنا.
وسيدعو ايضا الي تعزيز العلاقة مع القوي الشعبية العربية من أحزاب واتحادات ومنظمات مجتمع مدني في إطار الرد على سياسة التطبيع.
كان سيعمل على تعزيز العلاقة مع قوي التضامن الشعبي الدولي وكشف طبيعة الممارسات العدوانية للاحتلال أمام الشعوب والمحافل الدولية ذات الطابع الاستعماري والعنصري.
كان سيتمسك بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي تنتهكها دولة الاحتلال بصورة منهجية ومنظمة وذلك في مواجهة سياسة العنف والقوة وتقويض القانون الدولي من قبل الاحتلال.
تترابط حلقات التفكير المنهجي عند المرحوم د.حيدر عبد الشافي بين الأبعاد الوطنية والتي كان يركز بها على الوحدة والكفاح الشعبي والديمقراطية والتي كان يركز بها على القيادة الجماعية والانتخابات والحقوقية والذي كان يركز بها على البعد الاجتماعي لضمان العيش الكريم والعدالة وخاصة للفئات الفقيرة والمهمشة.
اضافة الى تشديده على ضرورة اتباع معاير الحكم الرشيد واتباع منهجية النظام والتخطيط بدلا من التجريب او العفوية.
وبالتأكيد فلو كان حيا لكن قد حذر من خطر فايروس الكورونا وذلك ليس بوصفة طبيبا فقط بل في إطار حرصة على الإنسان الفلسطيني بوصفة الثروة الرئيسية بالمجتمع وكان قد طالب باتباع معايير الوقاية والسلامة الصحية وتوحيد كافة الطاقات في مواجهته وكان قد أبرز في ذات الوقت عيوب النظام الرأسمالي العالمي الذي يطبق معايير الخصخصة بما يشمل التعليم والصحة ويركز على آليات السوق ودعم مؤسسات القطاع الخاص الضخمة من بنوك وشركات وذلك على حساب برامج الحماية الاجتماعية وخاصة للطبقات الفقيرة بالمجتمع.
ينبع الاجتهاد الخاص بمنهجية تفكير الراحل الكبير وفق هذا المقال بناء على قراءة لمواقفة خلال مسيرته وتفاعله مع المتغيرات والأحداث عبر مواقف عديدة أثبت من خلالها صوابية بالرؤية والتحليل والممارسة.
لا يسعنا بالذكرى الثالثة عشر لوفاته الا ان نؤكد وفائنا له ولمسيرته العطرة والمشرفة تقديرا له ومن أجل الاستفادة من القيم والمبادئ التي كان يرددها بهدف التصدي للتحديات الماثلة وبهدف نقل تجربته ومسيرته للاجيال القادمة من الشباب.