قراءة في المشهد الانتخابي الراهن

بعد أن اتضح وجود أكثر من ٣٠ قائمة انتخابية سجلت أوراقها بصورة رسمية للجنة الانتخابات المركزية أصبح المشهد الانتخابي يعاني من حالة من الارباك الشديد .

المسالة لم تعد لها علاقة بحالة الاستقطاب بين حركتي فتح وحماس بل تعدت ذلك كثيرا من خلال وجود أربعة كتل تنافس باسم حركة فتح الي جانب عشرات القوائم من المستقلين اضافة الي قوائم يسارية متفرقة بعد  أن فشلت مساعي الوحدة بين مكونات اليسار بهدف تشكيل كتلة مشتركة.

يعكس ما تقدم حالة الأزمة التي يمر بها ليس  فقط النظام السياسي ولكن معظم النخب والتشكيلات السياسية والمجتمعية حيث غياب البديل الجاذب والقادر علي تقديم إجابات حول طبيعة المرحلة وسبل مواجهة المخططات المعادية لشعبنا.

واضح ان حركة حماس بوضع مريح وهي تراقب المشهد حيث أجرت انتخابات داخلية ابتداء ثم شكلت قائمتها الانتخابية التي تقدمت بها الي لجنة الانتخابات المركزية.

كان من الأفضل العمل الجاد لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية بهدف معالجة الأزمات الناتجة عن الانقسام وبما يشمل الاتفاق علي البرنامج السياسي بالاستناد لقرارات المجلسين الوطني والمركزي ومخرجات اجتماع الأمناء العامين وقرارات التحللل من الاتفاقات مع دولة الاحتلال بهدف الخروج من دائرة اتفاق أوسلو والانتقال الي مسار سياسي جديد مبني علي ارضية التحرر الوطني .

من الهام ربط الانتخابات بالعملية الديمقراطية وتجديد شرعية النظام السياسي ولكن من الهام ايضا  أن يكون هناك أفق سياسي للانتخابات مع التركيز علي منظمة التحرير بوصفها المعبرة عن الهوية الوطنية الجامعة للشعب الفلسطيني.

أن عدم إجراء الانتخابات بصورة دورية مصحوبة بسنوات طويلة من الانقسام وفي سياق غياب الهيئات التمثيلية لشعبنا أصبح الحكم في كل من الضفة والقطاع يستند الي الأبعاد المركزية كما ادي الي تقليص الحيز العام وتراجع مساحة الديمقراطية واتضاح ظاهرة الفساد وذلك عبر استخدام الموقع والنفوذ لمصالح  فئوية او ذاتية ضيقة .

اذا تمت  الانتخابات بدون معيقات فإن النظام السياسي سيشهد معادلات جديدة أبرزها يكمن بتقدم حركة حماس التي تستطيع ضبط التناقضات في بنيتها أن وجدت بحكم منهجية عملها او بالحد الأدنى الحفاظ علي قوتها السابقة .

ولكن اعتقد اننا سنشهد تراجع واضح بالتيار الوطني المجسد بحركة فتح وكذلك بالتيار الديمقراطي واليساري الذي لن يحصل البعض منة علي نسبة الحسم كما سيحصل القسم الآخر علي إعداد محدودة لن تكون مؤثرة بمعادلة المجلس التشريعي القادم .

لا يقتصر الارباك علي الخلافات السياسية والمتمثلة بتبعثر وتشتت القوائم ولكن أصبح يطول الشارع حيث انتشار ظاهرة إطلاق الرصاص علي خلفيات متعددة ومن ضمنها الاحتفال بشفاء أحد الأشخاص من وباء الكورونا .

واحدة من افرازات المشهد المربك تكمن في إحياء النزعات العشائرية والقبلية وبالمقابل تراجع دور وموقف منظمات المجتمع المدني.

ويبرز المشهد المربك ايضا بالانشداد للنزعة الفردية والرغبة الكبيرة بالحصول علي عضوية المجلس التشريعي لتحقيق مكتسبات معيشة في إطار تراجع الاهتمام سواء الخاص او العام بالبرنامج السياسي وسيادة الأولويات الحياتية والاقتصادية والمعيشية عن ما عداها من أولويات.

وعلية فأعتقد ان الانتخابات اذا ماتمت حيث مبررات تأجيلها عديدة ومنها جائحة الكورونا او منع دولة الاحتلال بإجرائها  بالقدس او منع وصول المراقبين الدوليين من قبل الاحتلال تحت ذريعة الكورونا  فإن الانتخابات ستؤدي إلى تراجع في قوة حركة فتح والإبقاء علي قوة حماس أن لم نقل تقدمها وانحسار كبير لقوي اليسار الي جانب تقدم بعض القوائم التي تركز علي الاقتصاد وحل المشكلات المعيشية التي يعيشها المجتمع من فقر وبطالة وخاصة في قطاع غزة والمناطق المهمشة بالضفة .

كان من الممكن أن تشكل الانتخابات فرصة ولكن من الواضح أن التهديد سيكون هو الأكثر احتمالا .

 

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *