في وصف الأشباح


اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

قبل عام من الآن، كان فلسطينيون ستة يعدِّون أنفسهم لصناعة أسطورة، لا تزال برسم الكتابة، للتحرر من سجن “جلبوع” في بيسان المحتلة، صباح 6 أيلول 2021. أما العدو، فقد اكتفى بالتعامل معهم كأشباح لا يدركها التعريف إلا أمنياً، وأما وجودياً، فذواتهم نكرات لا يحدُّها أل ولا تعريف. ومن مجهولية “آخر غير يهودي- גוי‎ غوي” إلى مجهولية “خطر عالٍ للهرب- סג”ב سغاف”، واصلت اللغة العبرية جنون الدولة العبرية في نفي أغيارها، وحجب نفسها عن كل ما هو خارج تعريفها الحصري لنفسها ضمن تلبُّس تام بمعنى الجنون، لا كشتيمة بل كوصف. فالعبرية واحدة من أكثر لغات العالم تورُّطاً في إعداد تسميات مختصرة acronyms قادت إليها طبيعتها العسكرية دلالياً ووظيفياً (وحتى شكلياً، كما أشار جان جينيه، مرَّةً، للشبه الصارخ بين حركة الحروف العبرية وحركة الجيش العبري الزاحف لاجتياح بيروت).

في دولة المستوطنين الصهيونية، حوَّلت المؤسسة الأمنية الأسرى-في سجونها الرهيبة-إلى أشباح “خطر عالٍ للهرب”، وحوَّلتهم المؤسسة الإعلامية-خلال تحررهم التجريبي المؤقَّت-إلى “أشباح هاربة على قدر عالٍ من الخطورة”، وحوَّلتهم المؤسسة القضائية-بعد إعادة أسرهم وعزلهم-إلى “أشباح فاقدة لحق الكلام الخطر”… أما الفدائيون الستة، فقد مارسوا حقهم في الحرية وهم يذرعون “جغرافيا السحر الإلهي”-فلسطين، طولاً وعرضاً، بعد أن تحرروا من بعض أوزانهم، وخدر أقدامهم، وكامل قيودهم، لعبور نفق الحرية، وترك العدو ذاهلاً أمام “خزنة” أوهامه وخزانة أشباحه. وأما نحن، فأقل الواجب، قبل تحريرهم المشتهى وبعده، أن نكتب أسطورتهم الحية، وأسماءهم الحسنى، بأل التعريف العالية التي تليق بأحرار مؤسسة البطولة في بلاد لا تزال بحاجة إلى أبطال: محمود العارضة، زكريا الزبيدي، أيهم الكممجي، محمد العارضة، يعقوب القادري، مناضل النفيعات.

[اللوحة: وليد دقة، سجن عسقلان، 2022]

اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك

حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل

Author: عبد الرحيم الشيخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *