في ذكرى يحيى حسن، صديقي الذي مات قبل أن ألتقيه..
يحيى حسن شاعر ذو لغة واضحة وراديكالية. نبرة صوته السّاخطة بإيقاعها المكثف والعنيف حينًا، والمُرهف والرقيق أحيانًا أخرى أثارت فيّ الدهشة عندما قرأت قصائده مُصادفةً بالألمانية، مترجمةً من الدنماركية. تعرّفت قبل سنتين على الشاعر الدنماركي ذو الأصول الفلسطينية عندما وجدتُ قصائده المُترجمة فوق رفوف المكتبة في العمل. في الخمس قصائد والنصوص المكتوبة عن قراءته في مدينة لايبزغ يتحدّث الشاعر يحيى حسن عن طفولته في آرهوس، عن “غيتو” المهاجرين وعن مكالماته مع عمته في فلسطين وشوقه إلى بلادٍ بعيدةٍ لم يعرفها وغربته هنا وهناك وعن وهراوة أبيه الذي ملأ طفولته عنفًا وألمًا أوديا به إلى إدمان المخدرات ودخول السّجن. كما وانتقد المعايير المزدوجة في حياة الجالية المسلمة، مما أدى لتلقيه تهديداتٍ بالقتل واتّهامه بتعزيز “الكليشيهات الأوروبية” المتعلقة بالأجانب والمسلمين.
قبل قرابة العام حاولت التّواصل مع يحيى حسن رغبةً مني آنذاك بترجمة قصيدتين له من الألمانية إلى العربية. يومها لم أجد سوى صفحته على الفيسبوك، فأرسلت له طلب صداقة.
لم يردّ حسن أبدًا على محاولاتي بالتواصل معه.
اليوم صباحًا قرأت خبر موته الذي أثار فيّ حزنًا، وكأنّني فقدت صورته الملأى بألوانهِ الباذخة في رأس كلّ من قرأ قصائده، التي لم أرى فيها سوى وجه آرثر رامبو السّاخط والحزين.
أخرج يحيى حسن مجموعتين شعريّتين. تلقى إثر الثانية تهديداتٍ بالقتل تحدّث عنها في فيديو نشره على صفحته الشخصية في الفيسبوك .
قبل يومين وُجد “ميّتًا” في شقّته في كوبنهاغن عن عمرٍ يناهز ال 24 عامًا.
29.04.2020