عندما سمعت بخبر نزوله مشفى الشامي للعلاج، قررت زيارته على الفور، وكعادتي بعدم إهداء الزهور الشوكولاته. في المناسبات الفرحة والحزينة، والاستعاضة عنها بكتاب، لم أجد صعوبة باختيار الكتاب المناسب” شعرية التمرد” نصوص وحوارات مع جان جنيه. طرقت باب غرفته بهدوء، لأجد سريره خاليا، قيل لي أنه نقل لقسم العناية المشددة وتتعذر زيارته هناك. تركت الكتاب على السرير، مع إهداء قلت فيه،

اخترت لك كتابا عن إنسان يشبهك، هو فرنسي فلسطيني، وأنت سوري فلسطيني..

عندما ذهب جان جنيه للقاء الفلسطينيين في أحراش جرش بعد خروجهم من عمان، ليقضي معهم اسبوعا، امتد الأسبوع  لثلاثة أشهر، وكتب بعدها كتابه الجميل حول تجربته” أسير عاشق” وعندما سمع بمجزرة صبرا وشتيلا، لم يكتف بما تناقلته الأنباء، بل ذهب فورا إلى لبنان، ليعاين الجريمة عن كثب، وكتب مقاله الهام ” أربع ساعات في شتيلا” مصورا فيه هول الجريمة… كان فرنسيا فلسطيني.

كان خالد تاجا حريصا على المشاركة بالفعاليات الفلسطينية، وخاصة الجماهيرية منها. كان سوريا فلسطيني.

في االيوم التالي  لزيارتي سمعت خبر رحيله.

رحل خالد تاجا، تاركا إرثا فنيا باذخا، وسيرة أخلاقية  عطرة…رحل دون أن يستلم “شعرية التمرد” ودون أن يقرأ إهدائي… لروحك يا صديقي السكينة والسلام…

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *