لم أكن أرغب  بالكتابة بهذا الموضوع لان حركة  حماس أصبحت مرتبطة بفكرة المقاومة التي هي حق مشروع وفق القانون الدولي .

ربما الجدل بأشكال المقاومة الانجع ذو طبيعة مشروعة في إطار هيئة وطنية موحدة تحدد أشكال النضال وقرارات الحرب والسلم ولكن على قاعدة الحق بالمقاومة بكافة أشكالها بوصفها  حق مشروع كفلتة المواثيق والقوانين الدولية. الا ان ما دفعني لذلك هو تزايد وتصاعد الأصوات التي تطالب بخروج حماس  من المشهد ليس فقط على المستوى الإداري والذي أظهرت به حماس مرونة كبيرة بمواففتها على تشكيل لجنة تكنوقراط مهنية ولكن أيضا على المستوى العسكري والميداني .

يأتي هذا الطرح في إطار تحميل حماس مسؤولية ما حدث من دمار لقطاع غزة متناسين ان سبب المآسي والنكبات يكمن بالاحتلال وافرازاته من حصار واستيطان وتهويد وتميز عنصري وإقامة البانتوستانات والتنكيل بالاسرى والعديد من الأمور المرتبطة بالمشروع الصهيوني الاحلالي والاستيطاني وقد تم ذلك قبل السابع من أكتوبر للعام 2023. علينا ان نستعيد مسار هذه الممارسات منذ نكبة عام 1948و حرب1967 وصولا الى ضرب المقاومة في بيروت عام 1982 وما تبعها من مجزرة صبرا وشاتيلا   الي الان  .

وبالمناسبة قامت دولة الاحتلال بكل الفظائع والجرائم المذكورة اعلاة وغيرها الكثير  حيث لم تكن حماس  متأسسة بالحالة الفلسطينية حيث تأسست بالعام 1987.

والسؤال هنا هل سيتوقف المشروع الصهيوني المبني على خطة حسم الصراع تحت رعاية حكومة اليمين الفاشية والعنصرية اذا افترضنا جدلا ان حماس نفذت هذا المقترح المبني على خروجها من المشهد اداريا وميدانيا وعسكريا؟

لا اعتقد ان دولة الاحتلال ستتوقف عن مخططاتها في هذه الحالة حيث انها انتقلت في إدارتها للملف الفلسطيني من سياسة القيود والتحكم والتميز العنصري الى سياسة التطهير العرقي بهدف التخلص من الكتلة الديموغرافية الفلسطينية التي تشكل المعيق الابرز للمشروع العنصري الصهيوني القائم على معادلة الدولة اليهودية نقية العرق والذي تم التمهيد له عبر قانون القومية الذي اقره الكنيست الصهيوني بالعام 2018.

يقوم مقترح خروج حماس من المشهد على فكرة نزع الذرائع ولكني اعتقد ان دولة الاحتلال عادة ما تخلق الذرائع لتبرير مخططاتها الرامية للتوسع والتهويد وصولا لتصفية القضية الوطنية وهذا لا يعني عدم العمل قدر الإمكان على عدم اعطاء دولة الاحتلال الذرائع لتبرير ممارساتها الاستعمارية .

هناك قناعة تتعزز باوساط حكومة الاحتلال الفاشية ان اللحظة التاريخية أصبحت مؤاتية للتخلص من الكتلة الديمغرافية في غزة وبعد ذلك بالضفة  وخاصة بعد اقتراحات الرئيس ترامب بهذا الصدد في إطار فكرة التهجير وتحويل القطاع الي ريفيرا الشرق الأوسط.

حاولت الخطة المصرية العربية التي تم اعتمادها بالقمة العرببة الطارئة افشال مقترحات ترامب  حيث أصبحت ذو تأييد دولي أيضا الا ان نتياهو وحكومته أرادوا افشال هذه المساعي وذلك عبر العودة  من جديد لاستئناف العدوان العسكري على قطاع غزة بحجة استعادة الرهائن ورفض حماس لمقترح بيتكوف .

صحيح ان نتياهو يبحث عن مصالحه الشخصية في تجاوز للتشققات الداخلية والإبقاء على الائتلاف الحكومي وتمرير مشروع الميزانية واستكمال خطة الانقلاب على القضاء والسيطرة على المؤسسة الأمنية ولكن الصحيح كذلك بأن نتياهو يعتقد انه يخوض حرب وجود ويسعى لحسم الصراع تجاه الشعب الفلسطيني وتأسيس شرق أوسط جديد تحت السيطرة الاسرائيلية .

وعليه فحتى لو استجابت حماس لمقترح بيتكوف بل اكثر من ذلك حتى لو وافقت على الانسحاب من المشهد فإن نتياهو وحكومته الفاشية سيستمرون في تنفيذ مخططاتهم اللاستئصالية   بحق الشعب الفلسطيني تنفيذا للمقولة الصهيونية والتي تعتبر ان فلسطين ارض بلا شعب لشعب بلا ارض

.

تكمن الخطورة في طرح مغادرة حماس وخروجها من المشهد انها تصب في مسار كي الوعي الوطني وتيئيس الشعب الفلسطيني من فكرة المقاومة وادانة الضحية بدلا من إدانة الجلاد وتبني الرواية الصهيونية وإلغاء الحق بالمقاومة .

ودعونا نستفيد من تجاربنا حيث تم تنفيذ مجزرة صبرا وشاتيلا بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت على اثر حصار لها لمدة ثمانين يوما وذلك بالرغم من تعهدات المبعوث الأمريكي انذاك فيليب حبيب.

ان دولة الاحتلال بنيت على القهر والبطش والاضطهاد والابادة بحق الشعب الاصلاني وهي ترمي الى التوسع والسيطرة واخضاع المنطقة لحسابها وبدعم غير محدود من اميركا والتي هي زعيمة القوى الاستعمارية بالعالم  .

وعليه فيجب سحب مقترح خروج حماس من المشهد لعلاج الازمة الراهنة وبدلا من ذلك فعلينا ان نبحث عن عناصر القوة لدينا ولدى العرب لمقاومة الاندفاعة الاستعمارية والتوسعية لحكومة اليمين الفاشي في دولة الاحتلال.

هناك أوراق قوة عديدة ذات أبعاد اقتصادية وسياسية وقانونية ودبلوماسية وتضامنية يجب استثمارها عربيا للضغط على دولة الاحتلال لمقاومة مخططاتها ووضع حد لاطماعها بالمنطقة .

لا يعني ذلك عدم العمل باتجاه مراجعة التجربة وتقيمها واستخلاص النتائج والدروس والعبر ولكن دون الانجرار الى اشتراطات الاحتلال ونتياهو التي من خلالها يريد أن يحقق شعار(النصر المطلق ).

ويشار هنا ان المقاومة الشعبية التي انحاز لها واعتقد انها الوسيلة الأفضل للكفاح الوطني الفلسطيني كانت قد حققت إنجازات كبيرة عبر الانتفاضة الشعبية الكبرى ولم تكن مسلحة بل كانت ذات طابع شعبي وجماهيري .

اننا بحاجة الى مراجعة تقيمية موضوعية تصون وحدة الحالة الوطنية ولا تقع في فخ إدانة المقاومة لان ذلك يشكل خطرا على مستقبل الكفاح الوطني الفلسطيني والعربي.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *