في اليوم العالمي لحرية الصحافة
نحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة، هذه المهنة التي تصفها السلطات الحاكمة في فلسطين بقلة الأدب والمحرومة الحقوق، وتمارس سياسة التهميش بحق الصحافين وإخفاء دورهم الاجتماعي في المجتمع. وتتسع دائرة التهميش وحقوقهم المسلوبة، من السلطة والمؤسسات التي يعملون بها..
ويعيش الصحافيون وضع صحي واقتصادي واجتماعي وسياسي خارج عن السيطرة، وقيدت السلطات الحاكمة حرية الصحافة بالاستبداد لإحكام قبضتها على الاوضاع الداخلية. وبدلاً من السماح لوسائل الإعلام المساهمة في نشر المعلومات الموثوقة والاضطلاع بدورها كسلطة رابعة، اختارت الحكومات السير في تقويض حرية الصحافة وعدم السماح بالحق في الحصول على المعلومات بحرية، مفضلة تعبئة كل طاقاتها لتقويض حرية الصحافة.
الانقسام الفلسطيني والتجاذب السياسي واستغلال السلطتين الحاكمتين والمتنازعتين على السلطة للصحافيين، وغياب النقابات التي تدافع عنهم واحترام حقوقهم.
تميزت فلسطين خلال سنوات الانقسام المستمرة بأنماط واشكال مختلفة من الانتهاكات، الضرب والاستدعاء والحجز والمنع من العمل، وحال الصحافة في فلسطين كحال الفلسطينيبن المحرومين من الحقوق؛ تسلب وتقمع يوميا من سلطات: أولها دولة الاحتلال الاسرائيلي التي قتلت أكثر من 100 صحافي فلسطيني خلال خمسة عقود، حيث يتم قمع حرية الصحافة، واستهداف الصحافيين الفلسطينيين ومؤسساتهم الصحافية، ناهيك عن الاستدعاءات والاعتقالات التعسفية والسجن والتعذيب وحرمانهم من عملهم في التغطية الاعلامية وتقييد حقهم في حرية الحركة والتنقل.
وثانيها السلطتان الفلسطينيتان في الضفة الغربية وقطاع غزة تمارسان انتهاكات مختلفة بحق الصحافة والصحافيين. وترصد سنويا منظمات حقوق الانسان الفلسطينية عشرات الانتهاكات ضد الصحافيين والمؤسسات الصحافية وتتعرض الحريات الصحافية والصحافيين لانتهاكات مست حقهم في العمل.
في تقريرها السنوي الذي نُشر في العشرين من شهر نيسان/ ابريل الفائت تقول منظمة “مراسلون بلا حدود” إن حرية الصحافة عانت “تدهوراً كبيراً” منذ انتشار جائحة كورونا في جميع أنحاء العالم، وهي معلومة ليست بجديدة على القطاع الإعلامي الذي عانى، فوق أزماته السابقة، أزماتٍ جديدة خلال العام الماضي. لكنّ المنظمة تقدّم أرقاماً وإحصاءات واضحة، تشير إلى مدى احتضار الصحافة تحت وطأة وباء كورونا والقمع والاستبداد. فقد رسم المؤشر العالمي الجديد لحرية الصحافة الذي تصدره المنظمة، والذي يقيم أوضاع الصحافة في 180 دولة، صورة قاتمة وخلص إلى أن 73 بالمئة من دول العالم تعاني مشكلات خطيرة مع الحريات الاعلامية، وتشير المنظمة إلى أنّ الدول استخدمت جائحة الفيروس”ذريعة لمنع وصول الصحافيين إلى المعلومات والمصادر والتقارير في هذا المجال”. كما سجلت “مراسلون بلا حددود” تدهوراً صارخاً في حريّة العمل الصحافي، كاشفةً عن معوقات تعترض سبيل التغطية الإخباريّة. ففي سياق الأزمة الصحية، بات من المستعصي على الصحافيين الوصول إلى مكان الأحداث ومصادر المعلومات على حد سواء. وتشير دراسة أجرتها المنظمة إلى صعوبة متزايدة أمام الصحافيين للتحقيق في المواضيع الحساسة والكشف عنها.
المحزن ان فلسطين المحتلة من الدول التي تقع في قاع الموشر العالمي لانتهاك حرية الصحافة، وهي من الدول التي لا تحترم حقوق الانسان، وتمارس اجهزتها الامنية التعذيب والاعتقالات على خلفية سياسية، وتقمع الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير ولا تحترم الصحافة والصحافيين، وتضع قيود على عمل الصحافيين وتعتقلهم وتمنع حرية التجمع السلمي والحق في التظاهر والاعتصام، وقائمة الانتهاكات طويلة.
وعلى الرغم من كل تلك الانتهاكات القديمة الجديدة في فلسطين لم تتم مساءلة منتهكي حقوق الصحافيين، ولم يصدر أي تحقيق جدي وإن صدر يبقى داخل اروقة اجهزة الامن، ولم نشهد محاسبة للمعتدين، ما يعزّز ظاهرة الإفلات من العقاب، وانصاف الضحايا من الصحافيين.