هجمة غير مسبوقة من رئيس الحكومة اليميني والمحرض نتانياهو على الصوت العربي، من خلال جولات مكوكية في بلداتنا، مستعملا كنيته الجديدة أبا يائير، انقسام المشتركة الى قائمتين لا تنافس جدي سياسي بينهما سوى بعض المناكفات، دون مشروع واضح أو طرح هوية جمعية. لقد أصبح الانقسام سيد الموقف.
القائمتان لم تجدا سوى الطحينة والمثليين أجندة للنقاش في ظل تغييب أمور أكثر أهمية لمجتمعنا ولشعبنا.
والأكثر غرابة هو تغييب موضوع الاحتلال والقضية الفلسطينية ليس على يد نتانياهو فقط، بل أيضا على يد القائمتين العربيتين اللتين تنافستا على الصوت العربي.
المواطن العادي كان الأكثر إحباطا من الوضع فقرر الركون في البيت. في ظل هذا الوضع لم تتعد نسبة التصويت في مدينتي قلنسوة الـ 35%، في الوقت الذي كان قد شاركت وبكثافة في الانتخابات للكنيست الـ 23 قبل عامـ بنسبة 72% حيث أعطت القائمة المشتركة أكثر من 98% من الأصوات.
” ما الذي جرى؟ “
في الدورة الأخيرة كان الأعضاء عن القائمة المشتركة من أنشط أعضاء الكنيست، إذاً ماذا جرى؟ لماذا هبطت نسبة التصويت في مجتمعنا العربي من حوالي 65% الى حوالي 52% تقريبا؟ كيف وصل تمثيل القائمة المشتركة الى 6 مقاعد بعد أن دخلت المعركة الانتخابية بـ 11 مقعدا؟
لا شك أن انقسام المشتركة هو سبب رئيسي بعزوف الناس عن التصويت. لكن هذا السبب لوحده لا يكفي لوصف نتائج الحملة الانتخابية الفاشلة للقائمة المشتركة الجديدة المكونة من أربعة أحزاب قادها طاقم إعلامي حزبي لا صلة له ولا دراية بقضايا بشعبنا وأحاسيسه؟ الأمر الذي ساعد طاقم القائمة الموحدة الإعلامي الى جر المشتركة الى ملعبها المريح، ملعب الطحينة والمثليين مع العلم بأن هناك الكثير من الذين صرخوا، ومنذ اليوم الأول أن القضية الأساس هي رفع نسبة التصويت بين المواطنين العرب. لكن لا حياة لمن تنادي.
” نتائج محبطة “
نتائج الانتخابات الأخيرة للقائمة المشتركة محبطة الى حد بعيد عن الجبهة والحزب وكوادرهما. في هذه الانتخابات خسرت الجبهة ريادتها للعمل السياسي البرلماني، وهبط عدد ممثليها في الكنيست من خمسة الى ثلاثة. خسرت إمكانية التمثيل لها عن النقب وعن الطائفة المعروفية، خسرت عضو الكنيست يوسف جبارين ابن مدينة أم الفحم.
الأصوات التي تعالت باتهام المواطنين العرب وميولهم وخلفياتهم لتدني نتائج القائمة المشتركة لا تجدي، فهؤلاء المواطنين أنفسهم الذين صنعوا انتصار القائمة المشتركة في العام الماضي. لو كنت صاحب قرار في القائمة المشتركة لسارعت لإقامة لجنة فحص وتقصي حقائق خارجية.
” العالم تغير الى أبعد الحدود “
يا رفاق العالم تغير الى ابعد الحدود. الخبرة مهمة جدا، لكن المهنية ليست اقل أهمية منها. قلتم بأن القائمة المشتركة هي “إرادة شعب “؟ إذا استعملوا الطاقات الجبارة بهذا الشعب. ليس لاحد حكرا على الخبرة، المهنية، وحب وحدة شعبنا.
للحقيقة إن هناك امر غير صحي يجري في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ومنذ سنوات.
شيء بعيد عن الديمقراطية واتخاذ القرارات بشكل سليم. ويتمثل الأمر بصعود نجم الرفيق منصور دهامشة، ومركزيته وانفراده في اتخاذ القرارات داخل الحزب والجبهة؟ في الانتخابات الأخيرة لاحظت قبضته على الأمور المالية، التنظيمية، الإعلامية وحتى في المفاوضات الفاشلة مع الأحزاب المكونة للقائمة المشتركة والمفاوضات مع الدكتور منصور عباس والحركة الإسلامية.
منصور دهامشة ليس المسؤول الوحيد، لكنه المسؤول الأول على هذا التدهور في آليات العمل والخطاب للناس. وأخطر ما الأمر النزعة الى التخوين.
للحزب والجبهة قيادات شبابية قادرة على قيادة نفس العمل وبشكل أفضل. من المستفيد من تهميش هؤلاء الرفاق؟
في معركة الانتخابات الأخيرة كانت هناك أخطاء كثيره للمشتركة شاهدها كل نشيط جبهوي متمرس وغير متمرس لكثرتها.
” أخطاء لا تعد ولا تحصى “
في السياسة وعلى سبيل المثال لا الحصر: كيف نفسر الميزانية القليلة جدا (حتى مقارنة مع حزب ميرتس الأصغر) التي أنفقت على الإعلام؟ كيف يمكن إدارة معركة انتخابات في النقب بميزانية 250 ألف شيكل؟ كيف تم ضم حزب “معا” الى القائمة المشتركة بهذه السرعة، حزب بلا جمهور مصوتين كما قال أحد القياديين في الحزب؟ الأخطاء الإعلامية لا تعد ولا تحصى وكنت أظن بأننا تعلمنا من الماضي. هل تذكرون زراعة الأرز في النقب في الحملة الانتخابية قبل عامين؟
البيت الجبهوي تعرض هذا الأسبوع الى هزة أرضية درجة 5 في سلم ريختر السياسي، صدعت بعض جدرانه، لا يمكن ترميم هذا البيت دون إزالة بقايا الدمار وتغيير ” المقاول ” تماما كما تعمل فرق كرة القدم، فالمدرب كان وما زال ” الضحية ” الأولى لفشل الفريق أي فريق.
الم تكن تجربة الناصرة وبلديتها كافية لنتعلم منها؟ خوفي أن ينتهي الأمر بقيام بعض تجار السياسة المتكلسين أصحاب الفكر التخويني كما عهدونا في السابق باتهام الشعب و ” الصهيوامريكية ” بهذا الفشل الذريع. هذه المواقف تنمي عن عقلية تملك شخصي للبيت الجبهوي عند بعضهم. البيت الجبهوي بيت الجميع ولا يمكن مصادرته.
” ازمه سياسة وتنظيمية في الجبهة “
الجبهة الديمقراطية، التي قادت العمل السياسي على مدار عشرات السنين في المجتمع العربي، تعيش أزمة سياسة وتنظيمية، كذلك مجتمعنا العربي بشكل عام. هناك حاجة مُلحة لاتخاذ قرارات جدية لتغيير هذا الوضع.
اقترح أن تبادر لجنة المتابعة للدعوة الى مؤتمر عام للجماهير العربية يتم من خلاله التداول في قضايا مصيرية هدفها رأب الصدع وتصب في صالح تمكين وتحصين مجتمعنا من ظواهر دخيلة عليه تتعلق في العمل السياسي والانتخابي.
حسنا يفعل عضو الكنيست ايمن عودة رئيس القائمة المشتركة بدعوته لعضو الكنيست رئيس القائمة الموحدة الى لقاء تنسيقي بيت القائمتين في عملهما في الكنيست. هذا الأمر من شأنه تقليل التوتر بين القائمتين وتقريب وجهات النظر.
1 thought on “في المسؤولية عن الفشل الأخير…وجهة نظر في شأن التصويت العربي في الانتخابات الإسرائيلية”