نظم المنبر الديمقراطي التقدمي المستقل في رام اللة لقاء عبر الرابط الالكتروني بعنوان سبل وحدة ونهوض اليسار الفلسطيني.

وقد تم استضافة  شخصيات مركزية و مقررة في أحزاب اليسار للحديث عن الأزمة وسبل النهوض وامكانيات الوحدة .

وشارك معظم المتحدثين الرأي بأن اليسار  الفلسطيني يشهد أزمة بنيوية كبيرة وانحسارا واضحا لم يسبق أن تعرض لة في تاريخه السياسي والاجتماعي وذلك بما يتعلق بضعف تاثيرة بالساحة الفلسطينية.

لقد دفعني النقاش الذي اتسم بالأزمة ايضا بسبب عدم تبلور الحلول القادرة على تجاوز أزمة اليسار باستثائات محددة  لمرحلة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي حيث كان اليسار قوة وازنة ومؤثرة إن لم يكن القوة الأولى في بعض المواقع والاماكن .

دفعني ذلك للتساؤل عبر إجراء مقارنة لماهية اليسار في تلك الفترة مع هذة الفترة وتحديدا بعد حقبة أوسلو وتشكل السلطة الفلسطينية.

لقد اتسم اليسار في سبعينات و ثمانينات القرن الماضي بالعديد من العوامل التي ساهمت بتقويتة وتعزيز وجودة كقوة مؤثرة بالمجتمع الفلسطيني.

لقد تميز اليسار آنذاك بالاستقلالية والمعارضة البناءة لنهج اليمين على اختلاف مشاربة  ولكن في إطار الحرص على وحدة ومكانة م.ت.ف .

كان يتميز بروح المبادرة والعمل الطوعي والاجتماعي والنقابي .

كان يؤمن بالجماهير وقد كان له وجودا لافتا بين الطلبة والعمال والمهنيين والمثقفين والنساء والمزارعين .

كان طليعيا ورياديا في ممارسة أشكال الكفاح الوطني وخاصة الشعبي منها وقد برز ذلك جليا بالهبات الجماهيرية ضد الإدارة المدنية وروابط القرى وشعار تحسين مستوي المعيشة وكل الأشكال والمؤامرات  التي كانت  ترمي للنيل من حقوق شعبنا.

وعليه فلم  يكن غريبا لليسار ممارسة دورة الطليعي ابان الانتفاضة الشعبية الكبرى حيث ساهم برفدها بافكارة والتصاقة  بالجماهير والعمل على تعبئتها وتأطيرها وقيادتها من أجل دحر الاحتلال وضمان تحقيق حقوق شعبنا بالحرية والاستقلال والعودة.

اعتقد ان نقطة التراجع الرئيسية في مسيرة اليسار كانت تكمن بالتعامل المرتبك مع اتفاق أوسلو حيث اندمج بالسلطة بعض منه وعارضه البعض الآخر إعلاميا  ولكن اندمجت كوادرة واعضاؤه  في بنيتها   والتي هي الإفراز الاوضح لاتفاق أوسلو.

لقد أدت المرحلة الجديدة اي بعد عام 1994 الى تجويف العمل الجماهيري والنقابي وتحويل العديد من الكوادر الي موظفين الأمر الذي أضعف من الدافعية للعمل الرامي للدفاع عن مصالح المقهورين والمهمشين الى جانب ضعف الدور الرامي لضمان الحكم الديمقراطي الرشيد .

ساهم الانقسام الذي شهدته  الساحة الفلسطينية في منتصف عام 2007بتعميق أزمة اليسار بسبب الاستقطاب الحاد بين القوتيين الرئيسيتين فتح وحماس .

لقد أصبحت الساحة الفلسطينية تتمركز بهاتين القوتين المحوريتين ومع زيادة مدة الانقسام وضعف التمويل المستقل أصبح جزء من اليسار صوت صدى لاحدى  القوتين المحوريتين خاصة بعد فشل محاولات الوحدة او التنسيق بين مكوناتة وأخرها تجربة التجمع الديمقراطي والتي لم تصمد الا لأشهر قليلة جدا .

اعتقد ان اليسار حاجة موضوعية بأي مجتمع من المجتمعات بما يشمل المجتمع الفلسطيني خاصة بعد فشل نظام العولمة الرأسمالية المبنية على منهجية الليبرالية الجديدة.

من هنا ومن أجل إعادة الاعتبار لليسار فمن الهام إجراء مراجعة موضوعية  عبر دراسة مقارنة عن أسباب قوتة في  سبعينات وثمانينات القرن الماضي مع الظروف الراهنة .

من الطبيعي أن كل مرحلة لها خصوصيتها ولكن المراجعة ستفيد    بالضرورة باستخلاص الدروس والعبر من أجل العمل على استنهاض اليسار من جديد .

يرتكز اليسار الى بعدي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والى المنهج العلمي الجدلي بالتفكير والتحليل.

وعليه فمن الهام إعادة تأصيل اليسار بمفهومة الواسع بعيدا عن المقولات والوصفات الكلاسيكية والنمطية.

من الضروري أن يتميز اليسار بالاستقلالية وعدم التبعية والنضال من أجل استمرار وتصعيد الكفاح الوطني وخاصة الشعبي والقانوني والتضامني منه  وتحقيق مبدأي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتعزيز ثقافة التنوير واحترام التعددية والرأي الآخر   بالمجتمع .

ومن المناسب في هذا المجال العمل على تعميق النقاش المفاهيمي بهدف الاجابة على سؤال يتلخص بأي يسار نريد لفلسطين؟ وذلك الى جانب تعزيز التنسيق بين مكونات اليسار حول القضايا العملية المشتركة مع التركيز على القضايا الوطنية وأبرزها المقاومة الشعبية  الي جانب الدفاع عن قضايا الحريات ومصالح الفئات الاجتماعية المهمشة والفقيرة وذلك  في إطار أوسع تكتل ديمقراطي(يساري ) بالمجتمع وبما يشمل حراكات اجتماعية وشخصيات ديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني.

 

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *