في أوهام الرهان على ترامب
هناك بعض التحليلات التي تحاول طمأنة ذاتها بخصوص فوز ترامب برئاسة الإدارة الأمريكية وفق نتائج الانتخابات الأخيرة.
تستند هذه التحليلات الى الرغبات الذاتية اكثر من التحليل الموضوعي .
من ضمن ما تستند عليها التحليلات المتفائلة ان ترامب كان قد صرح انه يريد وقف الحرب على لبنان وغزة وانه التقى مع الجالية العربية ووعدهم بذلك وانه رجل صفقات وحسابات مالية وهو لا يريد أن تنفق الولايات المتحدة المليارات على الحروب وعلى دعم دولة غنية مثل دولة الاحتلال وان علاقته مع نتياهو كانت سيئة بسبب تهنئة الأخير لبايدن عندما فاز برئاسة الانتخابات الأمريكية السابقة.
اعتقد ان هذه التحليلات تجافي الواقع فالرئيس ترامب معروف بدعمه لليمين الفاشي في دولة الاحتلال وهو صاحب فكرة صفقة القرن والسلام الاقتصادي عبر تشكيل صندوق لتصفية قضية اللاجئين ومن أشد المتحمسين لتصفية الاونروا وهو صاحب سياسة تقديم التطبيع والسلام الابراهيمي على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة والمشروعة وهو الذي يستخدم لغة القوة والتهديد والابتزاز بحق البلدان بالاقليم والمؤيد بقوة لمحاصرة إيران وضربها .
لا تستند علاقة اميركا مع دولة الاحتلال للبعد الاستراتيجي والمصالح المشتركة فقط الأمر الذي يسهل من خلالة تفسير دعم اميركا بمكونات الدولة العميقة لدولة الاحتلال وذلك بغض النظر عن طبيعة الحزب الحاكم بالإدارة الأمريكية سواء كانوا الديمقراطين ام الجمهورين .
ولكن يتجاوز الأمر ذلك بما يتعلق بترامب والذي يمثل اليمين الشعبوي ذو النزعة العنصرية والتوسعية والذي انعكس بشعاراته المناوئه للمهاجرين وكذلك بالتركيز على شعار اميركا القوية وللامريكان فقط الأمر الذي يعكس ارتدادا عن نظريات الليبرالية الجديدة والانفتاح بين الأسواق وحرية التجارة كما يشكل كذلك ارتدادا عن مفاهيم حقوق الانسان وحق الشعوب في تقرير المصير.
هناك بعد ثقافي بالعلاقة بين مفاهيم ترامب وبين المشروع الصهيوني حيث يعتقد ترامب ان تجربة المشروع الصهيوني شبيهة بتجربة المستعمرين الاوروبين البيض لقارة اميركا .
تكمن خطورة صعود ترامب لسدة الرئاسة بالبيت الأبيض بتزامنها مع صعود وسيطرة اليمين الفاشي في دولة الاحتلال مما يسهل فهمة لامكانية تنفيذ عمليات الابادة الجماعية والتطهير العرقي وضم مساحات واسعة من الضفة وحشر الشعب الفلسطيني في معازل وبانتوستانات واعتماد سياسة الفتات الاقتصادي بدلا من حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
لا استبعد موافقة ترامب على تنفيذ خطة الجنرالات بشمال القطاع وكذلك إمكانية تنفيذ خطة التهجير التي مازالت تشكل البوصلة لنتياهو وحكومتة الفاشية بما يسمح بعودة الاحتلال والاستيطان للقطاع أيضا او لإجزاء منه.
لقد أعلن ترامب دعمه لدولة الاحتلال ولتوسعها حينما صرح بأن مساحتها صغيرة الأمر الذي يشير انه يدعم أعمالها العسكرية والتوسعية تجاة الأراضي الفلسطينية المحتلة وكذلك تجاة لبنان تعزيزا لطموح دولة الاحتلال بتاسيس دولة الاحتلال من حدود نهر الليطاني الي رفح ابتداء وصولا لامكانية توسيع مساحتها بصورة اكبر لاحقا تعزيزا لمقولة الشرق الاوسط الجديد التي تسعي دولة الاحتلال ان يكون لها كلمة الفصل بها .
اننا بحاجة الى مواجهة الحقيقة وليس الاختباء تحت بعض العبارات الغامضة التي صرح بها ترامب أثناء الدعاية الانتخابية مثل انة سيعمل الي وقف الحرب .
تعتمد السياسة على موازين القوى .سيعمل ترامب على وقف الحرب اذا وجد ان مصالح الولايات المتحدة تضرر من استمرارها وهذا يعتمد على العديد من العوامل منها صمود المقاومة وتكبيد دولة الاحتلال الخسائر العسكرية والبشرية والاقتصادية وعلى العامل العربي وتماسكة وادراكة ان عالم متعدد الاقطاب قيد التبلور وبأن لغة المصالح هي السائدة الأمر الذي يتطلب توثيق العلاقة مع روسيا والصين وائتلاف بريكس واستخدام لغة المقايضة والمصالح ومنها التطبيع مقابل قيام الدولة الفلسطينة وتعتمد كذلك على العامل الفلسطيني الذي هو بحاجة للوحدة وترتيب بيته الداخلي واتباع استراتيجيات تمكنه من الصمود في هذه المرحلة الحرجة وصولا لافشال مخططات ترامب ونتياهو بما يتطلب تعزيز البنية الفلسطينية التمثيلية وتفعيل العامل الديمقراطي والتشاركي بها واستخدام أدوات الكفاح القادرة على تحقيق الهدف ومنها إعادة التأكيد علي وجوب الاعتراف بدولة فلسطين بالاستناد الي القرار الاستشاري لمحكمة العدل الدولية ولقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة الاخيرة وللاعترافات الدولية الواسعة بدولة فلسطين بما يساهم بقطع الطريق عن محاولات الضم والتهويد والتجزئة والتفتيت الاحتلالية ذات الطابع العنصري.