فلسطيني بلا نكبة هو ما يلي..
يصحو فجرا في مخيم عين حلوة جنوب لبنان ، يلقي النظرة الأخيرة على بقايا المخيم ، ويدير محرك سيارته ، ويودع حاجز الجيش اللبناني على مدخل المخيم ، ويقبّل الأرزة على العلم اللبناني ، ويقول : شكرا لك يا لبنان لاستضافتك لي نصف قرن من الزمان ، معروفك على راسي ! وينطلق نحو رأس الناقورة .
وحين يعبر رأس الناقورة ، يكون الصباح قد أنجز صباحه ليجعله يقرأ بوضوح يافطة كتب عليها : فلسطين ترحب بكم !
ويقود سيارته على طول الطريق الساحلي ليشرب قهوته في نهاريا ، قبل ان يتابع طريقه الى يافا .
نعم هكذا بكل بساطة ، يقود هذا الفلسطيني سيارته في بلاده ، وهو يستمع إلى أغنية فيروز خبرني العندليب ويبتسم وهو يؤكد على تصريحات العندليب ، وهو العائد الى حينا في هذا الصباح العابق برائحة الطيون .
في يافا ينتظره فطور في مطعم سعيد ابو العافية مع فلسطينية من عكا تقود سيارتها أيضا نحو يافا .
هو فلسطيني في فلسطين أخيرا .. مثل أي ألماني في المانيا ، وهندي في الهند ، وصومالي في الصومال .
وحين يقضم منقوشة الزعتر في مطعم سعيد ابو العافية في يافا ، هو مثل أي فرنسي يقضم هذا الصباح قطعة ” الكورو سان ” في مقهى على رصيف الشانزليه في باريس .
الفرق الوحيد ان صديقة الفرنسي جوسلين ليست بسمرة وخجل صديقته العكاوية خديجة ! التي تقول له الآن حين حاول ان يقبلها : بلا زناخة عيب أمام الناس !
على شاطئ العجمي في يافا كتب على الرمل : أحبك يا خديجة
ومسحت خديجة ” خديجة ” عن الرمل ، وتركت أحبك ، وقرصت ذراعه قائلة : بلاش فضائح ! وأكمل فضيحته وقبلها فضحكت يافا ومدت لسانها ساخرة من تل أبيب.
وقشرت يافا برتقاله لكشرة خديجة ، وضحكت خديجة وانتهى الامر !
في رام الله التي وصلها ظهرا ، وهو يلتهم بوظة ركب وعيناه تلتهم سحر خديجة ، كانت القدس تنتش أمام مخبز المصرارة كعك القدس وتتأمل أسوارها تاريخ الغزاة والفاتحين ” وتهرهر ” السمسم عن كعكها ، وتنتظر الفلسطيني العائد المشغول عنها الان بسواد عيون خديجة !
هو فلسطيني بلا نكبة نقطة على السطر !