فقاعة ترمب ونفاق نتنياهو.. فجوة ادعاء القوة وممارسة الضعف

شغلت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب العالم حول نيته تفريغ غزة وتحويل القطاع إلى عقار مملوك للولايات المتحدة تنشئ فيه مشاريع اقتصادية ضخمة، وليس المهم بطبيعة الحال مدى تناقض التصريحات مع القانون الدولي أو مع فكرة أن الأرض فلسطينية وطبيعة علاقة الفلسطينيين بغزة هي علاقة السكان الأصليين بأرضهم وحقهم بالبقاء فيها بعلاقة هوياتية أصيلة فهذه اشياء يقفز عنها بطبيعة الحال منطق وقانون القوة والمستعمر الأبيض، إلا أن التناقض الأبرز من كل ذلك ليس الاستخدام الإعلامي والسياسي لهذه التصريحات غير الدقيقة بل التناقض بينها وبين الواقع الإجرائي العملي التفصيلي في غزة والناتج عن الحرب الإسرائيلية على القطاع والتي لم تنجح في تحقيق أي من الاهداف التي تحدث عنها ومازال يتحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ولا سيما المتعلق منها بالقضاء على حركة حماس وإنهاء حكمها في غزة والإفراج عن كل الأسرى الإسرائيليين.

يمكن الاستكشاف من خلال الواقع العملياتي الإجرائي بخصوص اتفاق غزة والتعاطي المباشر معها ومع حركة حماس من قبل ترمب ومن خلفه نتنياهو أن كل تصريحات ترمب المتناحرة مع بعضها في كل القضايا تشير إلى أنه غير مركز إطلاقا في أي منها ويثير من خلالها فقاعات لتعويم صورة القائد القوي عن نفسه، وبأنه الزعيم المربك للجميع سياسيا وغير المتوقع المهيمن على واقع العالم في مختلف الملفات ..

استعراض إعلامي سياسي متخبط وغير متزن أو رزين لترويج وتعويم نفسه وفق منطق العنجهية والقوة البيضاء يتوقف في نهايته ترمب الذي كان يهدد ويتوعد بالجحيم لغزة وللعالم في حال عدم استكمال الإفراج عن الأسرى من غزة على النقيض من ذلك “القبضاي” صاحب القرار، ضعيفا متوسلا للمقاومة الفلسطينية متمثلة بحركة حماس للإفراج عن عدد من الأسرى من حملة الجنسية الأميركية، وتكمله حكومة الاحتلال ونتنياهو رغم إنكار مكتبه في البداية بالاضطرار للبدء بالالتزام ببنود الاتفاق المتعلقة بمعدات إزالة الركام والكرفانات بعد تحذير حماس من عدم الإفراج عن بقية الأسرى لديها قبل أيام بسبب الخروقات الإسرائيلية وعدم الالتزام ببنود المرحلة الأولى..

 كل التناقض بين كلام القوة وفعل التوسل أو على الأقل القبول باحتجاج المقاومة دليل أنها فقاعة كبيرة من الكذب الرسمي الإسرائيلي ومن نتنياهو شخصيا والضوضاء عن التحضير للعودة للحرب، والجهل والغباء الترمبي بطرحه الساذج عن تهجير غزة وتملكها، وحتى اللحظة لا يبدو كل ذلك أنه يسمن أو يغني من جوع لديهم أو يؤتي أكله الإعلامي أو السياسي؛

–  إن كان في ملف إلقاء الضغط على المقاومة بشأن مستقبل غزة وملف الأسرى والاتفاق نفسه رغم أن الاتفاق قد لايصمد لكن حتى اللحظة صمود وثبات الموقف الفلسطيني يجبر ترمب ونتنياهو على المواصلة في الاتفاق.

– وحتى لا ينفع كثيرا مع الأنظمة العربية نفسها في الضغط عليها بملف إعادة الإعمار والقبول بطرح ترمب عن تفريغ غزة وتهجير سكانها الى الاردن ومصر واعطاء قطعة ارض لهم هنا وهناك.

–  أو بموضوع التغطية على فشل نتنياهو وجيش الاحتلال في تحقيق اهداف الحرب على غزة، والتغطية على جرائمهم فكل ذلك يصطدم بفشل ميداني عملي واضح، كما أن تغير الرأي العام العالمي ووجود حالة من العزلة الدولية لإسرائيل خاصة بعد ملفي الجنائية والعدل الدوليتين هي أشياء باتت ثوابت جديدة لا يمكن لترمب الغبي ونتنياهو المجرم القفز فوقها بالعربدة والبلطجة، هذا لا يعني ان الفلسطينيين ليست لديهم خسائر كبيرة أو بأن الخطر قد عبر وانتهى، لكن الفقاعة الترمبية مازالت مجرد فقاعة فالواقع يناقض كل ما يقولون ويروجون له بل هم يناقضون أنفسهم مهما بدت صورة المصرح به ضخمة ومربكة سياسيا وإعلاميا.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *