عن هزيمة حزيران وصعود العمل الفدائي
المقاومة المسلحة والكينونية الفلسطينية مدينة بصعودها إلى هزيمة حزيران
من الصعب تخيّل حال الحركة الوطنية الفلسطينية والكفاح المسلح، من دون هزيمة حزيران، إذ أنها هي التي سهلت صعود العمل الفدائي، من الأردن ولبنان وسوريا، وتبلور الكيانية الفلسطينية المتمثلة بمنظمة التحرير..أي أن ذلك حدث بفضل النظام السياسي العربي، الذي أخذته الهزيمة، وأودت بشرعيته وادعاءاته، فكان السماح بالمقاومة وبظهور البعد الفلسطيني لتنفيس الاحتقان الشعبي والتخفف من شأن الهزيمة والتغطية عليها..لذا فالحركة الوطنية الفلسطينية مدينة بصعودها إلى تلك اللحظة التاريخية،أي لجظة الهزيمة..فلولاها، ولولا حاجة النظام العربي، لما شهدنا نمو ظاهرة الكفاح المسلح الفلسطيني، وتبلور الكيانية الوطنية للفلسطينيين المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية، بالشكل الذي شهدناه بها، منذ أواخر الستينيات إلى أوائل السبعينيات، سيما في الأردن ولبنان. وليس القصد من ذلك أنه من دون حرب يونيو (67) ما كنا سنشهد حركة وطنية فلسطينية، وإنما القصد منه أن تلك الحركة كانت ستظهر وتعبر عن نفسها بأشكال وبمظاهر أخرى مختلفة، ربما أضعف شيء فيها هو الكفاح المسلح، والوجود العسكري الفلسطيني في الأردن ولبنان.
في مقابل ذلك، أي في مقابل تسهيلها الكينونة الفلسطينية، والكفاح المسلح، فإن تلك الهزيمة أدت إلى حصول نقلة كبيرة في السياسة العربية، بانتقالها من مستوى الصراع على وجود إسرائيل، إلى مستوى الصراع على حدود إسرائيل، ومن مواجهة المشروع الصهيوني، إلى مواجهة العدوان الإسرائيلي. وبكلمة واحدة فقد انتقل الفكر السياسي الرسمي العربي، منذ حينها، من ملف 1948 إلى ملف 1967.