عن مفهوم التطبيع…التباساته وتناقضاته وتوظيفاته…
لا شيء يبرر التطبيع مع إسرائيل، لا شيء البتة…فكرة عدو عدوي صديقي كذبة كبيرة، ومخادعة…لاشيء يبرر التطبيع، لا عدوانية النظام الإيراني، ولا استبدادية نظام الأسد…الجريمة جريمة، ولا تغطي على جريمة أخرى، والمجرم مجرم، ولا يغطي على مجرم اخر…اسرائيل عدوة لأن طبيعتها كذلك، لأنها أقيمت كمشروع استعماري واستيطاني وعنصري في المنطقة العربية وعلى حساب شعب فلسطين…وإيران عدوة لأنها تنتهج سياسات تقوم على تقويض بني الدولة والمجتمع، سيما في بلدان المشرق العربي، من العراق الى سوريا ولبنان، ولأنها تعتمد ميلشيات طائفية مسلحة كأذرع اقليمية لها، ولأنها في ذلك خدمت إسرائيل اكثر من اي احد اخر… قيم الحرية والكرامة والعدالة والمواطنة لا تتجزأ…
بعد ذلك ثمة الملاحظات الآتية:
أولا، التطبيع الذي تريده اسرائيل هو أساسا اقامة علاقات بينها وبين الأنظمة كأنها دولة طبيعية، وتوطيد العلاقات الاقتصادية…اي ان كل الضجيح عن التطبيع كأنه بين فرد وفرد، أو يتعلق بترجمة كتاب، وما الى ذلك لا يهم اسرائيل، لأنها تتصرف كدولة يهودية، اي عنصرية، والعنصرية تعني بناء الاسوار بينها وبين المجتمعات، بل إن اسرائيل تخشى هذا النوع من التطبيع، وهذا ما يفسر الأسوار التي تبنيها ازاء الفلسطينين في الضفة والقدس وغزة.
ثانيا، القيادة الفلسطينية مسؤولة عن مسار التطبيع الاسرائيلي مع الانظمة فهي سهلت وبررت ذلك، سيما بإزاحتها الرواية الفلسطينية المتأسسة على النكبة، إلى رواية أن اسرائيل دولة احتلت الضفة وغزة عام 1967، وهي سهلت وبررت ذلك بنمط علاقاتها مع إسرائيل حيث يرسل الرئيس رسائل التعازي لقادة اسرائيل ويزورهم في بيوتهم، .ومجرد يتناول القضايا الانسانية
ثالثا، إذا كان ثمة “إيجابية”، إن جاز التعبير، لكل ما يحصل، في هذا الشأن، في المجال العربي، في هذه الظروف البائسة، فهو يتمثل في تحرير قضية فلسطين من ادعاءات الأنظمة ومزايداتها وتلاعباتها، والتحرر من وهم “القضية المركزية”، وتوظيفاتهاالمؤذية، التي كانت في الحقيقة، ولسبعة عقود، مجرد ستار لبعض الأنظمة لشرعنة واقع الاستبداد والفساد، ومصادرة الحقوق والحريات، وللتغطية على إخفاقات التنمية، وتغوّل الدولة الأمنية.