عن لون العار
![](https://www.palestineforum.net/wp-content/uploads/2022/05/عبد-الرحيم-الشيخ.png)
يصنِّف العالم الحر تخريب المقابر اليهودية كفعل معادٍ للسامية. وبغض النظر عن إشكالية تعريف السامية ومعاداتها، فالإساءة للموتى، أو من هم في مقامهم، هي فعل معادٍ للإنسانية. أما في فلسطين، فيصنِّف العالم الحر قصف مقابر اللاجئين الفلسطينيين في غزة، الذين طهَّرت دولة المستوطنين بلادهم عرقياً خلال نكبة العام 1948، وخنقتهم بالحصار، وشنَّت عليهم خمس حروب كارثية 2008-2022… في إطار “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.” وفي أحسن الأحوال، يصنِّف الثوريون البيض في العالم الحر قصف “الأحياء” و”المقابر” كجزء من حياة الغزيين المستباحة Precarious Life، كون أهل غزة “أموات مع وقف التنفيذ”، لأن التنفيذ يحتاج إلى فعل القصف، والإعلان عن موت المقصوفين ممن لم يكن موتهم معلناً.
أما وقد أعلنت “هآرتس” اليوم 16 آب 2022، في تقرير باهت، عن إقرار مصدر أمني بـ”قصف جيش الدفاع الإسرائيلي” لمقبرة الفالوجة في 7 آب 2022 خلال العدوان الأخير على غزة، دون تفاصيل محددة، ودون الإعلان عن تحمُّل مسؤولية القصف، ودون الإعلان عما يقتضيه الإعلان عن الاعتراف بالقصف… بل بلهجة تبريرية تجترُّ مقولات “تحرُّز الجيش للتقليل من الأضرار خلال الدفاع عن أمن إسرائيل”… فمن واجب الفلسطينيين، لا من حقهم وحسب، أن:
1. يسألوا قيادة دبلوماسيتهم النفَّاثة، في رام الله، عما ستفعله بدماء: جميل نجم الدين نجم (4 أعوام)، وجميل إيهاب نجم (13 عاماً)، ونظمي فايز أبو كرش (14 عاماً)، وحامد حيدر نجم (16 عاماً)، ومحمد صلاح نجم (17 عاماً).
2. يسألوا “إسرائيل”، ربما عبر الوسيط المصري أو القطري، عن التجمُّع الذي لا يشكل خطراً على “أمن إسرائيل” للمتواجدين داخل مقبرة، خلال الحرب، سواء كانوا من الموتى الأحياء (المشيِّعين، أو المشيَّعين، أو الزوُّار، أو الأطفال الهاربين من الموت، أو من الحياة)، أو من الموتى الأموات (المدفونين في القبور).
3. يسألوا العالم الحر عن لون العار في مقابر غزة، بين مقبرة الشيخ رضوان ومقبرة الفالوجة، وعن لون الدم على صفحات “هآرتس” ما دامت هي التي روَّجت للخبرين في السابع والسادس عشر من آب، وكأنها تنقل خبر احتساب هدف في مباراة لكرة القدم، ثم تنقل، بعد أيام، خبر التشكيك فيه لوجود تسلل لم توثقه الكاميرا، ولن يترتب عليه إعادة المباراة، ولا تتويج الفائز بالبطولة!