عن ترويض النظامين المصري والأردني الفعل الشعبي الداعم لغزة

بدا للمتابعين أن التضامن والتفاعل الشعبيين الغاضبين نصرة لغزة في كل من مصر وساحات مصر وكذلك في الأردن تراجعا نسبيا مع تصاعد الأحداث وتطور العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة منذ الثامن من تشرين أول اكتوبر، ليس بسبب شعور التبلد والاعتياد والحرب النفسية التي تعرض لها عموم الشعوب والمناصرين لفلسطين بل لأسباب جوهرية فرضها النظامان أعمق بكثير وتخص البلدين اللذين يملكان أكبر حدود برية مع فلسطين المحتلة. الشيء المؤسف والمثير للحيرة أن النظامين المصري والأردني تمكنا من إقناع وترويض فئات وشرائح واسعة من الشعبين بأن الحكومتين تقومان بكل ما يلزم لتخفيف الكارثة في غزة وبأنه؛ بالنسبة لمصر فإن رواتين متناقضتين أصبحتا مقنعتين للجمهور إعلاميا وهما أن السيسي والحكومة تفتحان معبر رفح البري أمام المساعدات (رغم أن المساعدات تعفنت وتدخل بالقطارة) وكذلك رواية أن السيسي والحكومة تغلقان معبر رفح البري منعا لتهجير سكان قطاع غزة وتسرب الإرهاب إلى سيناء وكذلك بسبب رفض إسرائيل إدخال المساعدات قبل التفتيش لديها (لا أحد يعرف كيف أن مصر تفتح المعبر لكنها تغلقه في ذات الوقت وكيف يسمح بسوق هذا التعاكس الإعلامي من نفس وسائل الإعلام في نفس الوقت ويقتنع به كثير من الناس)..
بعد تصريحات بايدن عن أن السيسي هو من قرر إغلاق معبر رفح ومنع المساعدات منذ مراحل مبكرة من الحرب الإسرائيلية ضد غزة بات من الصعب معرفة من الذي يكذب وإلى أي درجة يوغل النظام المصري في الإبادة الجماعية ضد الغزيين بالتشارك مع الولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي..
ويلاحظ أنهما روايتان منتشرتان عبر الإعلام المصري وبات يصدقهما بسطاء الشعب وتخدرت مشاعر كثير منهم وباتوا يشعرون أن الواجب سقط عن عاتقهم تجاه غزة..
وأما النظام الأردني فلديه رواية خدرت الجماهير بوضوح وهي أن الأردن فعلت كل ما بوسعها دبلوماسيا وإغاثيا لغزة من خلال سلسلة لقاءات واستقبالات تزامنت مع التنسيق مع واشنطن وإسرائيل لإسقاط مساعدات طبية جوية محدودة فوق غزة لمرات محدودة لا ترقى لحاجة مستشفى واحد رغم أن الأردن تسمح بالمقابل بمرور مئات شاحنات الإمداد لإسرائيل بالتعاون مع الإمارات والسعودية لتعويض انقطاع خط البحر الأحمر الذي علقه الحوثيون.
يتزامن ذلك مع قمع المتظاهرين واعتقالهم حال توجههم للنقاط الحدودية في البلدين وباستسلام العامة للرواية الرسمية هنا وهناك..
شيء يبعث للإحباط والحيرة بالفعل كيف انتهى حال هذين البلدين إلى كل هذا الكذب والعداء من النظامين ضد غزة وشعب فلسطين وكيف انتهى الحال بفئات كبيرة من العامة في البلدين بأن تحول إلى عجز شعبي مع شيء من الاقتناع بسقوط الواجب وحدوث حالة تخدر وضعف في المناصرة لغزة لدى أقرب شعبين جغرافيا واجتماعيا من فلسطين المحتلة، إذ كان ينتظر ما هو أكثر من مجرد فقاعة شعبية صغيرة في بداية العدوان وبالتظاهر كل يوم جمعة..