عن المربي حنا فارس مخول
هو رجل عصامي، من جيل كان له فضل كبير على الأجيال.
ارتبط اسمه باسم أستاذه المعلم المربي اللغوي الأديب خليل السكاكيني، فكان التلميذ خير وارث لتراث أستاذه، وخير معبر عن أفكاره واجتهاداته ورؤاه، فقد أبدع الأستاذ الأول من خلال نظريته الحديثة ليس في التربية والتعليم، وإنما في التربي والتعلم كما كان يقول، تلك النظرية التي تحترم شخصية التلميذ، وتجعل من المدرسة مجالاً لممارسة الحرية، لا سجنًا لتلقين التلاميذ ما هو جامد ميت من معلومات.
وقد أبدع الأستاذ حنا فارس مخول في حمل الرسالة، وفي تعميمها على أجيال من تلاميذه طوال فترات اشتغاله مدرّسًا معنيًّا بإعداد جيل محب للغة العربية، متفان في خدمة الوطن، متفتح العقل، بعيد من التعصب والتزمت والمغالاة.
وحين يكتب الأستاذ عن أستاذه الذي يصفه بأنه “سيدي ومعلمي ومثلي الأعلى”، فإنه يكتب عن “إنسانيته، والقيم العالية التي حرص عليها، والمثل الراقية التي وضعها نصب عينيه، والمبادئ السامية التي تمسك بها، تكريمًا للإنسانية في شخصه، وإكبارًا لتلك القيم وإشادة بتلك المثل، وتقديرًا لما تحلى به من الفضائل، وتحسينًا في عين الجيل الصاعد لمزاياه وسجاياه”.
وحين يتحدث الأستاذ عن أستاذه خليل السكاكيني فإنه يفعل ذلك بصدق وحميمية، يقول: “من عرف الأستاذ السكاكيني معرفتي به، وكان قريبًا منه كما كنت واطمأن إليه كما اطمأننت، ولمس من عطفه وكرمه ما لمست، لأكبر فضله كما أكبرت، ولأيقن أن هذا الرجل قد عاش في غير زمانه، وأنه كان صاحب رسالة تعدّ الأجيال لزمان يكثر فيه أمثاله.”
ومثلما ترك الأستاذ السكاكيني أثره على عقول تلاميذه، فإن الأستاذ حنا فارس مخّول ترك هو الآخر أثره على عقول كثيرين من تلاميذه، وسيترك هؤلاء التلاميذ أثرهم على تلاميذهم إلى أن نصل إلى جيل قادر على تحقيق أحلامنا المشروعة في وطن حر سعيد، مبرأ من قيود الاحتلال، ومن التمييز العنصري والعسف والتطرف، والبقاء في الماضي بديلاً من التفكير في الحاضر والمسقبل.
لروحه السلام.