لكل منّا انتماءاته. وهي إمّا طبيعية أو اختياريّة.

أن تولد لعائلة عربية فلسطينية مثلا. أن تولد لعائلة مسلمة أو مسيحيّة أو هنديّة. أن تولد لشعب يُسمى بهذا الاسم أو ذاك. أن تولد في أسرة وبلدة وعائلة ممتدّة. هذه أمثلة لانتماءات طبيعية تولد فيها ومنها.

وقد تكون الانتماءات اختيارية بإرادة الفرد. أن تختار العضوية والانتماء لحركة سياسيّة أو تيار عقائدي أو إطار فكريّ. لنقابة أو لنادٍ أو فريق كرة قدم أو مجموعة مهنيّة. أو أن تختار الهجرة إلى جماعة أخرى.

قد تختار الانتماء إلى مشروع سياسيّ ليس له أي علاقة بانتمائك الطبيعيّ. مشروع قد يكون في مواجهة مع مجموعة انتمائك الطبيعيّة. مثلًا، عندما تختار أن تكون علمانيًا مدنيًّا وفي مواجهة مع انتماءات دينية أو طائفيّة أو عائليّة ولدت معها.

للانتماءات استحقاقات على الفرد. وفي مرحلة من وعيه سيكون عليه أن يختار انتماءاته أو طبيعة هذه الانتماءات. فقد تكون عربيًّا فلسطينيًا وقد تدبّرت أمر الانتماءات الأخرى على نحو تستطيع فيه أن تعيش بانتمائك العربيّ الفلسطينيّ وأن تقلّل من حضور الانتماءات الأخرى وأهميتها في تحديد سلوكك أو أفكارك.

والاستحقاقات هنا تعني الإجابة الدائمة على أسئلة تتصل بالتوفيق بين الانتماءات أو بوضع سلّم هرمي لها بين المحوريّ والثانويّ، بين الأول والأساسيّ وبين الأخير وغير الجوهريّ.

في نهاية المطاف، سيظلّ الفرد مشغولاً على هذا النحو أو ذاك بمدى الانتماء إلى ما هو طبيعيّ من أطر وما هو اختياريّ منها. وفي كلّ الأحوال ـ يظلّ السؤال إلى أي مدى يكون الفرد منّا متنوّرا وقادرا على إنتاج معاني نبيلة لانتماءاته، من هذا ومن ذاك. ومنّا مَن ينكسر في أول امتحان فيعود على “القبيلة” كانتماء طبيعيّ فيُقدّس عائلته ويصير برغيًّا فيها أو أن يُقدس مكان سكناه فيحاصر نفسه فيه أو يتمترس في حمى حزبه ويبرطع هناك.

وأنا اخترت ان يكون انتمائي ـ هويّتي ـ ميناءً مفتوحًا للريح وأنا قبطان..

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *