عـــن أشـــكـــال الـــحـــيـــاة.. وأشـــكـــال الـــمـــوت
1- المعنى البيولوجي للحياة واضح، وكل إنسان سيموت جسدياً في يوم ما، في مكان ما، بطريقة ما.
إنني أتحدث هنا عن أشكال الحياة وأشكال الموت بالمعاني الرمزية، المعنوية، المضمونية، والجوهرية.
2- مثلما هناك أشكال من الحياة، هناك أشكال من الموت. هناك من كتب عن أشكال معينة من الموت، مثل: الفشل، الفراق، الخيانة…
عندما مرض نزار قباني، كتبت غادة السمان له:
“يقول أبراهام غراين: “الفشل شكل من أشكال الموت”، وأنا أقول بأن الفراق هو الموت”..
غسان كنفاني اعتبر أن “الخيانة ميتة قبيحة”. وكتب:
“ما أقبح الموت، وما أجمل أن يختار المرء القدر الذي يريد”..
3- أعتقد بأن أسوأ أشكال الموت هو أن تعيش حياة تافهه، حياة خواء، حياة ليست حياة، وأن تموت قبل أن تموت. حياة بلا حب، بلا هدف، بلا معنى، وبلا جدوى .
4- أن تكون من العاطلين عن الأمل هو شكل من أشكال الموت.
5- يجب أن تشعر أنت بأنك حي، وأنك مسجل في كتاب الحياة، وإلا لا معنى لشهادة الآخرين وآرائهم.
أما إذا حاول أحدهم أن يدفنك وأنت حي، عندئذ استحضرْ ما قاله الشاعر الجميل أحمد دحبور:
“لم أمت، فالجنازة باطلة” .
6- الحب شكل من أشكال الحياة، وفراغ القلب شكل من أشكال الموت.
7- وجود الأصدقاء شكل من أشكال الحياة، والإفتقار إليهم شكل من أشكال الموت.
جميل المثل الروسي الذي يقول:
“لا تعطني مائة روبل، بل أعطني صديقاً” .
8- الحب حياة
الكراهية والحقد موت
9- أن تنحاز للحق والخير والجمال حياة
أن تقف مع الفاسدين والظالمين والطغاة موت.
10- أن تسقي نباتات وأزهار بيتك باكراً في الصباح، أو أن تطعم العصافير والحمام بيديك في إحدى حدائق المدينة أو إحدى ساحاتها، هو شكل من اشكال التمسك بالحياة، ودرء للكآبة والإنتحار.
11- أن تَمتهن كرامتك وتبيع نفسك موت
أن تنتصر لكرامتك وتربح نفسك حياة
12- أن تتصالح مع نفسك، وأن تتكيف وتصارع مع العالم وتناقضاته ومهازله، هو انجذاب للحياة ..
أما القول للحياة: أنت طالق، فهو موت أكيد .
13- الحيوية حياة
الجمود والبلادة موت
14- أن ترقص، تغني، تعزف، ترسم، تنحت، تكتب، تمثل… هي أشكال من الحياة .
لهذا، قال محمود درويش:
“يا موت، هزمتك الفنون جميعها”.
15- بالنسبة لي الموسيقى هي أجمل أشكال الحياة.
ولهذا يقول شكسبير:
“الموسيقى غذاء الحب “.
ويقول كونفوشيوس:
“لا تسلني عن قوانينهم، بل سلني عن موسيقاهم”.
ويقول الأديب والمترجم العربي الفلسطيني أنطون شماس (1950-) ابن قرية فسوطة شمالي الجليل، الذي يكتب ويترجم بثلاث لغات: العربية والعبرية والانجليزية، والمحاضر في جامعة ميشيغان، عبارة أعتبرها أجمل مما قاله شكسبير وكونفوشيوس، وما زلت أحفظها منذ كنت أسيراً في سجن عسقلان عام 1970:
” قل لعازف الغيتار
في بوابة الخليل
كل بيوت المدينة ستنهار
إذا توقف”
16- قبل أن أغادر بيروت عام 1980 لدراسة الفلسفة في بلغاريا، كنت أرغب بدراسة الموسيقى.
في ذلك الوقت، كانت المنح الدراسية متاحة ويسيرة في البلدان الإشتراكية سابقاً، غير أن “الرفيق المسؤول” وقف سداً منيعاً أمام رغبتي، قائلاً باستهجان وسخرية:
“كيف يدرس مناضل الموسيقى في زمن الثورة ؟!”
صرتُ دكتوراً في الفلسفة
لكن قلبي مع الموسيقى