عصير رمّان في القدس

نادى على قلبي في شوارع القدس العتيقة : توقف أيها الفلسطيني ” العائد ” واشربْ عصير رمّان مفيد لتقوية القلب .. توقف قلبي أمام فراسة رمّان في القدس تعرّف من النظرة الأولى على أوجاع قلبي بلا فحص سريري ، وبلا جهاز تخطيط القلب ،” يفرفط ” لي رمّانه ليقوى قلبي على قلبي وأنا ألهث في شوارع القدس .
قال قلبي لقلبي : ليست القصة ” قصة رمانة .. القصة قصة قلوب مليانة ” ، وكنت أحدّق في حبات الرمّان وقشرتها النحاسية تعصر لؤلؤ ثمارها لفلسطيني ” منحوس ” مثلي يختفي خلف جواز سفر سويدي يزور القدس لأول مرة في حياته ، و “يفرفط ” رمّانة قلبه حبة حبة على أرصفتها البيضاء المصقولة بسنابك من مر عليها من خيول الغزاة .. وكان العشب الذي ينمو من شقوق الحجارة على أسوارها يقول لقلبي : لا تأبه لهم وهم يفيضون في مدينتك كالغربان السود بجدائلهم التي وصفها صديقك ربعي المدهون مثل المعكرونة الإيطالية ..
لم يسألني بائع العصير المقدسي : من وين أنت ؟ القدس تعرف ناسها من النظرة الأولى ، وتتعرف على قلوبهم بلا فحص سريري ، وتعصر لهم رمّانها لتقوّي قلوبهم على وجع المدينة الأسيرة خلف أسوارها وجنود الغزاة يدوسون على قلبها في شوارع القدس العتيقة .. شربت عصير الرمّان الذي ” يقوّي شرايين القلب ” ، وتابعت جولتي في المدينة التي تعصر لي رمّانها ، وتنتظرني في باب العامود بكعك القدس ، وبأقراص فلافل من ذهب تقول لقلبي في مخبز المصرارة : لنا من الرمّان ما يكفي لقلوبنا ” المليانة ” لكي تقوى شرايينها على وجع القدس .
