عربيّ.. لا شيء أفخر به ولا شيء أخجل به
رأيت كثيرين منّا ينشرون تحت عنوان “سجّل أنا عربي فخور” معطيات تتصل بإنجازات أكاديمية للعرب والعربيات حسب معطيات متوفّرة في وزارة الصحية. وقد رأيت تسجيل الملاحظات التالية لوضع كل شيء في نصابه:
أولا ـ كل إنجاز لأي واحد وواحدة منّا هو هام بحدّ ذاته، هو فرديّ يحقّ للفاعل أو لأهله أن يُفاخروا به. لا أعتقد أن أحدًا من الذين وردوا في الأرقام فكّر أو فكّرت أن المعطى سيصير موضوع فخر جماعيّ.
ثانيًا ـ أتمنى ألّا يكون النشر الآن هو في موازاة النشر عن الجريمة والعنف كثقل مواز لنشعر بأننا بخير وأننا هنا أحياء نُرزق. لا علاقة بين الاثنين والعكس هو الصحيح ـ كيف لمجتمع هذه معطياته أن يفتك به العنف والجريمة المنظّمة على هذا النحو؟ (الجواب في السياسة الرسمية وسيرورات القهر والتفكيك المتعمّد).
ثالثًا ـ لدينا شريحة لها معالمها تعتقد أن التعليم الأكاديمي هو الشيء الوحيد المهمّ في حياتنا ويأخذون أنفسهم مثالا للنجاح والتحصيل وحياة ميسورة. وهي نظرة منقوصة لا ترى إلى الواقع الاجتماعي ـ السياسيّ ـ الاقتصادي المركّب ولا تحاول ذلك ولا تجتهد. وهي تسهم في تسطيح الكون والإنسان لأنهم كثيرون ما يعظون على نسق: “افعلْ كذا وكذا تنجح بالضرورة”!
رابعًا ـ يُمكننا تأويل المنشور على أنه نوع من تموضع الهويّة مقابل الآخر ومحاولة للتأشير له أننا أكاديميون بنسبة لا بأس بها لا نقلّ عنه في شيء. هذا يعني أننا لسنا كما يرانا متخلّفين ولا همجيين (نُمسي ونُصبح على جريمة قتل). هذا يعني أنا في كثير من أفعالنا كأفراد وجماعة نحن مصوّبون على ردّ التُهمة أو تفنيد الأفكار المسبقة لليهودي عنّا. ويبدو لي أحيانًا، أننا صدّقنا تصّوراته عنّا وهو الأخطر في العلاقة القائمة مع “الخواجا”. أن نتعامل مع هويتنا من زاويته هو.
خامسًا ـ أنا شخصيًا، لا شيء هنا أفتخر به ولا شيء هنا أخجل به طالما أنني أجتهد طيلة اليوم في أن أحرّر نفسي وهويتي من جديد من عبث الخواجا بها ومن محاولته تجييرها أو تدجينها، في تطويرها وبنائها من جديد بمضامين أختارها بنفسي لنفسي ومجتمعي. سأفخر عندما ينال كل واحد منّا وواحدة الحرية التي يتوق إليها من خلال تجاوز الشهادة واللقب وقد يكون استراتيجية تحرّر لكنهما ليسا أبدًا نهاية الأرب. أقول هذا وفي خاطري عشرات وأكثر من أصحاب الألقاب والشهادات ضمن هذه المعطيات لا يهمّهم مجتمعهم قيد شعرة ويكرهون التحدث بلغته، يعيشون تجربة “الخلاص الفردي” وليكن من بعدهم الطوفان. فالأكاديميا تحصيلا ولقبا ومهنة هي في بعض الأحيان مصيدة.