عدد جديد من “قضايا إسرائيلية”
صدر حديثاً عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” العدد 85 من فصلية “قضايا إسرائيلية”، ويتمحور حول الطروحات الإسرائيلية المستجدة المتعلقة بالصراع، وأبعادها ومعانيها وإسقاطاتها، في ظل عدم حل “الصراع” واستمرار حالة “انتقالية” دائمة من الاحتلال الذي يوازيه استمرار الاستيطان ومحو “الخط الأخضر” وتصاعد حضور المستوطنين وقوتهم في دوائر اتخاذ القرار.
وتعكس المساهمات مخاوف إسرائيلية متصاعدة من اعتماد منظمات مثل بتسيلم وهيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية -أمنستي ولجان حقوقية أخرى، توصيفات لإسرائيل من نوع دولة أبارتهايد، إضافة إلى فتح تحقيق في جرائم حرب إسرائيلية في الأراضي التي تحتلها.
كما تبرز في محتويات محور العدد المخاوف الإسرائيلية من أن عدم الحل يعني “الانزلاق” إلى حل الدولة الواحدة على ما يعنيه هذا من انتهاء للصهيونية وتفكيكها، وهو ما دفع – لأول مرة – “معهد الأمن القومي” إلى نشر تقرير مفصل عن سيناريوهات الدولة الواحدة، يستعرضه الباحث في مركز “مدار” عبد القادر بدوي، إلى جانب قراءة أنجزها الباحث أشرف بدر لكتاب هذا ما حصل بالضبط” لشاؤول أرئيلي – وهو من المبادرين لاتفاقية جنيف الذي يصر على أن حل الدولتين ما زال الحل المثالي الوحيد، ويفند المقولات التي تدعي أنه ذهب إلى غير رجعة، ويقوم آريئيلي بذلك من خلال تفكيك “أساطير اليمين” التي تروج لانتهاء حل الدولتين.
وفي المحور ذاته يستعرض أمير مخول مبادرة الكونفدرالية الإسرائيلية الفلسطينية التي ارتبط اسمها بيوسي بيلين على الرغم من كونها مشتركة مع هبة الحسيني، ويقارن مخول هذه المبادرة مع مبادرات أخرى كمبادرة جنيف و”وطن لشبعين” وغيرها.
وفي المحور نفسه يكتب وليد حباس عن الإشكاليات في المقاربات السياسية المبنية على فكرة الدولة والحقوق في حل الصراع جذريًا والتي تتبنى منظورًا ليبراليًا محافظًا يتجاهل الأبعاد الاقتصادية الطبقية، بينما يكتب يكتب ميرون رابابورت عن تجربته الخاصة في تشكيل مبادرة وطن لشعبين وهي مبادرة إسرائيلية فلسطينية لحل الصراع بعيدًا عن فكرة التقسيم الكلاسيكية.
و يشمل هذا العدد من “قضايا إسرائيلية” أيضًا على ثلاثة مقالات مترجمة عن الإنكليزية، الأول لأري م. دبنوف بعنوان “حرب تقسيم؟ إعادة تقييم حرب عام 1948 في فلسطين من منظور عالمي” وفيها يعيد التفكير في المعاني المرتبطة بفكرة التقسيم ويتتبع نشأتها ما بين الحربين العالميتين ويضعها في سياق علاقتها بالإمبريالية البريطانية واستخدامها كأداة إدارة استعمارية للحفاظ والسيطرة على الاختلافات الدينية والعرقية ضمن الإمبراطورية.
والثاني للمؤرخ المتخصص بتاريخ الصراع هيلل كوهين بعنوان “تسويق الاحتلال للفلسطينيين في الضفة الغربية: صفحات جهاز الشاباك على موقع «فيسبوك» في سياق تاريخي”، والمقال الثالث لنورما مُسيح بعنوان “بين المعرفة والفهم: اليهود الإسرائيليون وذاكرة النكبة الفلسطينية” ويعالج عبر الاستعانة بالفارق بين المعرفة والفهم/الإدراك – كما سَكّته حنة أرندت -الفجوة القائمة في إسرائيل بين المعرفة بما حدث خلال النكبة من جرائم وبين عدم فهم وإدراك معنى ذلك، وتتابع من خلال الاستعانة بعمل جمعية زوخروت الإسرائيلية التي تعنى بزيادة الوعي بالنكبة في الشارع اليهودي بإمكانية تحويل المعرفة إلى إدراك.
ويشمل العدد كالعادة زاوية الأدب والأرشيف، يعدهما ويحررهما مالك سمارة . في زاوية الأدب اختار سمارة ترجمة نصين ليعقوب شطاينبرغ عن “أحمد العربي” بوحي من فكرة “المتوحّش النبيل “التي تجد صداها أيضا في قصص المستعمر الأبيض عن “البوكاهونتاس” أو الهندي الأحمر النبيل. أما في زاوية الأرشيف فترجم وقدم لخطاب للويس برانديس الذي كان قاضيًا يهوديًا في المحكمة العليا الأميركية وأحد أهم قيادات الصهيونية في الولايات المتحدة، وخطابه الذي اختير كان قد ألقاه في 1915 في المجلس الشرقي للحاخامات الإصلاحيين، وفيه يضع رؤيته للصهيونية ولمعنى القومية اليهودية والفارق بين القومية اليهودية والأمم المبنية على المواطنة المدنية كالأمة الأميركية.
في زاوية مراجعة الكتب مراجعتان، الأولى لباسل رزق الله الذي يستعرض ويضع ملاحظاته على كتاب “حقّ الإنسان” في الهيمنة، لنيكولا بيروجيني ونيف غوردون وفيه قراءة تحليلية ونقدية لمحدودية خطاب حقوق الإنسان الليبرالي وتحوله في إسرائيل إلى أداة لمقارعة الفلسطينيين وإخضاعهم والهيمنة عليهم عبر تبني منظمات يمينة لمفاهيم “حقوق الإنسان” والعمل ضدها فعليًا. الثانية لأمين دراوشة الذي يقدم قراءة تحليلية ومراجعة لرواية الفتيان “سمير ويوناتان على كوكب المرّيخ”.
عن مركز مدار