“عدالة” يمثّل نحو 500 من المشاركين في “أسطول الحرية”

قبل أيام قليلة من إعلان وقف إطلاق النار، أقدمت إسرائيل على اعتراضٍ وهجومٍ غير قانونيين استهدفا أربع سفن إغاثة انسانية في المياه الدولية كانت تحاول كسر الحصار المفروض على غزة. شملت هذه البعثات: أسطول الصمود العالمي وسفينة عمر المختار (1–2 تشرين الأول)، وسفينة الضمير وأسطول الألف مادلين (8 تشرين الأول). هدفت هذه البعثات إلى إيصال مساعدات إنسانية عاجلة إلى غزة وإلى رفع الوعي العالمي حول الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. ضمت الأساطيل نحو 50 سفينة وأكثر من 600 متطوع ومتطوعة من مختلف أنحاء العالم.
نتيجة لما يقارب عقدين من الحصار الإسرائيلي وللإبادة الجماعية، لا تزال غزة تخضع لحصار مدمر شلّ جميع جوانب الحياة. يواجه السكان نقصًا حادًا في الغذاء والمياه والوقود والأدوية، فيما تقترب المستشفيات من الانهيار وتُحرم أعداد لا تُحصى من العائلات من المأوى. شكّلت هذه الأساطيل مبادرة إنسانية حيوية للاستجابة للأزمة ولتحدي استمرار الحصار وسياسة العقاب الجماعي المفروضة على سكان غزة.
بعد اعتراض السفن، تعرّض المشاركون لانتهاكات جسيمة من قبل سلطات الاحتلال، كما فُرضت عليهم قيود مشددة على حصولهم على التمثيل القانوني. رغم هذه العراقيل، عمل طاقم عدالة، إلى جانب محاميات ومحامين متطوّعين، بسرعة للدفاع عن حقوق المشاركين، وضمان سلامتهم، والمطالبة بإطلاق سراحهم الفوري وتأمين عودتهم الآمنة إلى أوطانهم.
اعترض سلاح البحرية الإسرائيلي جميع السفن في المياه الدولية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي. وأفاد ناشطون بأنهم تعرضوا لهجمات من طائرات مسيّرة ومروحيات ووحدات من قوات الاحتلال قبل أن تتم السيطرة على سفنهم وسحبها إلى ميناء أشدود. نُقل معظم المشاركين إلى سجن كتسيعوت في أقصى الجنوب داخل النقب، المعروف بظروفه القاسية. كما اعتقلت الشرطة الإسرائيلية ثلاثة من المشاركين الحاملين للجنسية الإسرائيلية (ومن بينهم مزدوجو الجنسية) واستجوبتهم بشبهة “التسلل إلى منطقة عسكرية مغلقة”، قبل أن يُفرج عنهم لاحقًا بعد ثلاث جلسات محكمة، وتخفيف القيود المفروضة عليهم، وذلك عقب رفضهم التوقيع على شروط إفراج تعسفية.
رغم أن مركز عدالة أخطر السلطات الإسرائيلية مسبقًا بأنه يمثل المحتجزين، حُرم عدد من المشاركين أو فُرضت عليهم قيود مشددة على التواصل مع محامين. وبعد تدخلات متكررة، تمكّنت محاميات عدالة، بالتعاون مع المحاميات والمحامين المتطوّعين، من تقديم استشارات قانونية لـ 490 مشاركًا ومشاركة، وحضور جلسات طارئة في ميناء أشدود، وأمام لجنة مراجعة التوقيف في سجن كتسيعوت، ومحكمة الصلح في أشكلون. وأكد عدالة في مرافعاته القانونية أن الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة واعتراض السفن في المياه الدولية واحتجاز النشطاء، جميعها إجراءات غير قانونية. كما شدّد على أن تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر منظمات دولية، في ظل الإبادة الجارية، يُعدّ عملًا مشروعًا وفقًا لقرار محكمة العدل الدولية في قضية جنوب أفريقيا ضد دولة إسرائيل، مؤكداً أن إيصال المساعدات إلى غزة لا يُعدّ دخولاً غير قانوني إلى إسرائيل، إذ إن غزة ليست جزءاً من دولة إسرائيل. وبناءً على ذلك، طالب عدالة بالإفراج الفوري عن جميع المشاركين، والسماح لهم بمواصلة رحلتهم لتسليم المساعدات الإنسانية إلى غزة.
جرى انتهاك حقوق المشاركين بشكل ممنهج، إذ أفاد عدد منهم بتعرضهم لسوء معاملة وإهانات وعنف جسدي من قبل القوات الإسرائيلية، منها حراس السجن، كما حُرموا من الحصول على الطعام والماء والأدوية الأساسية، بما في ذلك أدوية منقذة للحياة لمرضى يعانون من حالات مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسرطان. وذكر العديد من النشطاء أنهم أُجبروا على الركوع مكبّلي الأيدي في أوضاع مؤلمة لساعات طويلة. وأكدت المشاركات النساء والمشاركون من حاملي الجنسيات العربية أنهم تعرضوا لمعاملة تمييزية ومهينة.
وحضر وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير إلى ميناء أشدود أثناء احتجاز النشطاء، حيث أشاد علنًا بإساءة معاملتهم ووصفهم بـ”داعمي الإرهاب”. وأدان مركز عدالة هذه التصريحات، معتبرًا إياها تحريضًا صريحًا وتشجيعًا على الانتهاكات والعنف الممنهج الذي تمارسه الدولة.
بحلول 12 تشرين الأول 2025، أفرجت السلطات الإسرائيلية عن جميع المشاركين في سفن الضمير وعمر المختار وأسطول الصمود وأسطول الألف مادلين، أو رحّلتهم إلى بلدانهم.
تمثل هذه الأحداث تصعيدًا خطيرًا في انتهاكات السلطات الإسرائيلية ومعاملتها المسيئة تجاه النشطاء، مقارنة بالبعثات السابقة التي أُعترضت في حزيران وتموز 2025، بما في ذلك سفينتا مادلين وحنظلة. ويُظهر هذا القمع المتزايد نية إسرائيل الواضحة في ردع أي أساطيل إنسانية مستقبلية تسعى لكسر الحصار المفروض على غزة.
عمل مركز عدالة، بالتعاون مع المحامين والمحاميات المتطوعين، على مدار الساعة لضمان سلامة جميع المشاركين وإطلاق سراحهم في البعثات الست التي أُطلقت هذا العام، ولحماية حقهم الكامل في التمثيل القانوني. ومن خلال هذه الجهود، ساهم عدالة في حماية الحقوق الأساسية للنشطاء، ومنع تعرضهم لمزيد من الانتهاكات، وضمان إطلاق سراحهم السريع والآمن.
خلال هذه الفترة، حافظ عدالة على تواصل مستمر مع السفارات والقنصليات الأجنبية بشأن أوضاع المحتجزين، واستجاب لمئات الاستفسارات من عائلات النشطاء والتحالفات الدولية. كما أجرت محاميات عدالة مقابلات مع وسائل إعلام محلية ودولية، وتواصلوا مع وسائل إعلام ومنظمات لتوفير المعلومات.
عن مركز عدالة