عالم في واشنطن وعالم آخر في إسرائيل
استقبل الأعضاء الجمهوريون في مجلسي الكونغرس امس بنيامين نتنياهو كواحد منهم: يتحدث مثلهم، ويشعر مثلهم، ويحترم نفس القيم، ونفس المخاوف، ونفس الرؤية. لقد حاولت أن أكون مكانهم لمدة ساعة واحدة : خطاب نتنياهو سمع فجأة أجمل مما هو عليه في الواقع. بنجامين نيتاي، عضو مجلس شيوخ عن ولاية ذات اكثرية إنجيلية في جنوب الولايات المتحدة ، يثني على دولة بعيدة اسمها إسرائيل. كم كان جميلا من جانبه : دمعت عيناي امتنانا له. ولذلك سنزرع غابة باسمه في غابات الكيرن كايمت كما سنزرع شجرة باسمه في شارع محبوبي امم العالم .
حينها تذكرت أنه رئيس وزرائي، الرجل المسؤول عن اكبر إخفاقات إسرائيل منذ نشوئها، الرجل المسؤول عن حقيقة أنه حتى بعد مرور ما يقرب من عشرة أشهر لم يتم حل أية مشكلة من المشاكل التي حلت بنا منذ ذلك السبت المذكور . صحيح أن إسرائيل وقعت في 7 تشرين الأول/أكتوبر ضحية هجوم نفذته منظمة إرهابية قاتلة يجب القضاء عليها . ولكننا كنا في نفس اليوم أيضاً ضحايا انفسنا، وغطرستنا، وإهمالنا، ضحاياحكومة وظفت كل قوتها في تدمير قوتنا، وضحايا جيش فشل فشلاً لا يغتفر.
جيد أن نتنياهو شكر الأميركيين أمس على دعمهم الكبير لنا، على مدى سنوات طويلة . وكان مسموح لنا أيضاً أن نتوقع منه أن يقول آسف : آسف على الضرر الذي سببناه لعظمة امريكا بسبب إهمالنا ، آسف لإلقائنا عليها كل احتياجاتنا العسكرية وآسف على انه بدلاً من أن نكون ممتنين لها على ما تلقيناه، في قطار جوي ضخم ، انتقدناها بسبب القليل الذي تأخر. آسف لأننا تصرفنا كطفل مدلل، كان بإمكان نتنياهو أن يقول ذلك.
وربما كان بامكانه ان يقول الجملة التالية : آسف على الخطاب الذي ألقيته هنا، في هذه القاعة، عام 2015، وهو الخطاب الذي ساعد في دفع إيران نحو القنبلة النووية. وحتى في ذلك الحين استقبلتموني بتصفيق عاصف ونحن جميعا نعرف ما حصل نتيجة كل هذا .
كما كان متوقعاً، فقد قدم إسرائيل وكأنها تدافع بجسمها عن القيم الأميركية ضد الإسلام الراديكالي المتطرف. وهذا ادعاء يحب الأميركيون سماعه . أنا وتشرشل : قال تشرشل للأميركيين في بداية الحرب العالمية الثانية، أعطونا الأدوات وسنقوم نحن بالعمل ضد ألمانيا ، ونحن نقول لأميركا، أعطونا الأدوات وسنقوم بالعمل المطلوب ضد إيران . ولكن الواقع أقل بطولية : فبريطانيا لم تكن قادرة على العمل لوحدها ، وكانت بحاجة إلى الأميركيين، ونحن لانستطيع أن نفعل ذلك لوحدنا .
لا ينبغي للتصفيق المدوي ان يخدعنا : أمريكا تبتعد عنا. والمقاعد الفارغة في القاعة كانت رسالة لا تقل أهمية عن المقاعد الممتلئة. أدرك نتنياهو ايضا بأن عليه أن يقدم في خطابه رؤية لليوم التالي: في غزة، في الشمال، في موضوع الرهائن . لمزيد الاسف، لم تكن هناك أي صلة بين ما قاله وبين ما يفعله كرئيس للحكومة، لا على جبهة غزة، ولا على الجبهة الشمالية، وبالاخص ليس في موضوع صفقة المختطفين.
لا أتذكر أن هناك رئيس وزراء بقي في دولة أجنبية لمدة أسبوع في غمرة حرب في بلده . وهذا يدل على مدى اختلاف نتنياهو اليوم عن نتنياهو في ولاياته السابقة ، حيث كان يقطع زياراته بسبب أنباء عن عملية تخريبية . يمكن للصفقة أن تنتظر: فعطلة نهاية الأسبوع في أمريكا أكثر أهمية.
بينما كان نتنياهو يتحدث في الكونغرس، عمل الجيش الإسرائيلي على تشخيص جثث اخرى لمختطفين، عالم في واشنطن وعالم آخر تماما في إسرائيل.
المصدر: يديعوت أحرنوت