عار على أعضاء مجلس الشيوخ والنواب الذين صفقوا لنتنياهو
تقديم:
وسط تحذير صريح لرئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون لأعضاء مجلس الكونغرس الأمريكي المنتخبين لمنعهم من مقاطعة خطاب رئيس وزراء المستعمرة الصهيونية بنيامين نتنياهو، أمام الجلسة المشتركة للكونغرس الأمريكي ، وتهديده باعتقال من يقدم منهم على مقاطعة الخطاب ، وفقا لما نقله موقع «تايمز أوف إسرائيل». حظي مجرم الحرب نتانياهو ، الزعيم الأجنبي الوحيد الذي يخاطب الكونغرس الأمريكي للمرة الرابعة، بترحيب غير مسبوق – لم يحظ به أي زعيم أمريكي أو أجنبي منذ إنشاء الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1776 – التي تأسست ،أيضا، عبر استعمار استيطاني غربي اقتلاعي إحلالي مماثل على أنقاض الشعب الأصيل / الذين لقبوا بالهنود الحمر/ . فوفقا للمصادر التاريخية، تم إبادة نحو 55 مليون منهم بين عامي 1492 و 1600 بالقتل ونشر الأوبئة .
فقد قوبل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتناياهو – المتهم من قبل محكمة الجنايات الدولية بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. والمشتبهة بلاده من قبل محكمة العدل الدولية بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة وعلى امتداد فلسطين الانتدابية ما تزال تتواصل وقائعها للشهر العاشر على التوالي- بتصفيق قياسي من قبل أحفاد المستوطنين الغربيين الأوفياء لقيمهم وتراثهم الإجرامي . وصفقوا له منذ دخوله القاعة لإلقاء كلمته التحريضية الحافلة بالأكاذيب والافتراءات، والتي استغرقت نحو 52 دقيقة، واحد وثمانين مرّة – ما يعني أن معدل التصفيق المتقطع لمجرم الحرب نتانياهو من قبل الحاضرين من أعضاء مجلس الشيوخ والنواب الأمريكي، في الدولة التي تقود الغرب” الديموقراطي” وتحكم سيطرتها على النظام الدولي احادي القطبية الآيل للسقوط (قاطع الخطاب نحو 90 عضوا من الحزب الديموقراطي) كان مرة كل نحو 40 ثانية. ويفوق كثيرا ما يحظى به مجرم الحرب في كنيست المستعمرة الصهيونية، التي ما يزال غالبيته الساحقة وغالبية مستوطنيها يؤيدون حرب الإبادة الجماعية المتواصلة للعقد الثامن على التوالي ضد السكان الفلسطينيين الأصليين في قطاع غزة وعلى امتداد فلسطين الانتدابية، وفي مناطق اللجوء . لاستبدال فلسطين بإسرائيل، واستبدال شعبها العربي الفلسطيني بالمستوطنين اليهود،
وبذلك استكمال تنفيذ مشروعي التحالف الاستعماري الغربي الصهيوني العنصري / اليهودي الخاص ، والامبريالي العام / لإحكام هيمنته على عموم المنطقة الجيو – استراتيجية الأهم، التي تقع في مركز العالم ، وتسيطر على خطوط التجارة والملاحة والمواصلات والاتصالات الدولية ، وتمتلك ثروات طبيعية ومعدنية وفيرة ، واحتياطيات هائلة من الوقود الأحفوري، الذي ما يزال يشكل المصدر الرئيس للطاقة الرخيصة ، التي تتحكم بعصب الاقتصاد الدولي . فضلا عن كون المنطقة موئلا للديانات السماوية الثلاث التي يدين بها ثلثا البشرية. ما يجعل السيطرة عليها عنصرا مركزيا في ترجيح موازين القوى العالمية.
الملفت أن الصحفي التقدمي جدعون ليفي يبدو متفاجئا – مثل غيره من النخب المفتونة بالحضارة الغربية من مختلف الانتماءات العرقية والإثنية والعقائدية – الذين كشفت لهم موقعة السابع من تشرين الأول/ اكتوبر / 2023 طبيعتها العنصرية وحقيقتها الفاشية. ويستنكر قبول وصمت الكونغرس لمقارنة نتانياهو لنفسه برئيس الوزراء البريطاني تشرشل، الذي كان أول من تمنحه الولايات المتحدة الأمريكية المواطنة الفخرية/ . ويتغافل عن دور تشيرشل الاستعماري وحقيقة تماثل أساليبه ونتانياهو في الإبادة الجماعية لإخضاع اليابان وألمانيا. ويتجاهل، أيضا، التواطؤ بين النظام النازي والحركة الصهيونية / التي تدلل عليها اتفاقية هافارا عام 1933/ لاقتلاع يهود أوروبا بالقوة واستجلابهم الى فلسطين لإنشاء المستعمرة الصهيونية . ويقفز أيضا عن واقعة تآمر بريطانيا مع الولايات المتحدة الأمريكية وسائر دول أوروبا الغربية على اليهود عندما تم إغلاق حدودهم أمام الفارين اليهود من المجازر النازيه أثناء الحرب العالمية الثانية، لإجبارهم على الهجرة الى فلسطين./ حيث الغاية تبرر الوسيلة/.
والملفت أكثر استغراب جدعون ليفي لحجم الترحيب الذي حظي به مجرم الحرب نتانياهو من قبل الغالبية الساحقة من أعضاء الكونغرس الأمريكي المنتخبين . وربما أرّقه وأرعبه تأييدهم الهائل لالتزام قادة المستعمرة الصهيونية بالدور الامبريالي الوظيفي المسند لها . ومدى استعداد الولايات المتحدة الأمريكية، التي تقود التحالف الاستعماري الغربي الصهيوني العنصري للمخاطرة بالمستعمرة ومستوطنيها اليهود ، وجاهزية القيادات الأمريكية التنفيذية والتشريعية للتضحية بهم في حربها العالمية لإدامة النظام الدولي أحادي القطبية . وأغلب الظن أن أكثر ما يفزعه من النوايا الأمريكية ما يشهده في الحرب الأوكرانية العبثية التي تمنع الولايات المتحدة الأمريكية وقفها بكل السبل. وتقامر ، أيضا، بإقحام تايوان بها في الحرب التي تخوضها- عبر وكلائها، ولا يضيرها التضحية بهم جميعا – لوقف انبثاق النظام العالمي الجديد الذي يواصل تقدمه بثبات .
ترجمة المقال : عار على أعضاء مجلس الشيوخ والنواب الذين صفقوا لنتنياهو
عار عليكم يا أعضاء مجلس الشيوخ والنواب.
في الأسبوع الماضي، عقدتم واحدة من أكثر الجلسات المخزية التي عقدت على الإطلاق في الكابيتول هيل. لقد رحبتم بسياسي غير مرغوب فيه في كل عاصمة ديمقراطية في العالم تقريبا،ومنحتموه معاملة ملكية.
لقد أشدتم برجل قد يشتبه به قريبا في ارتكاب جرائم حرب خطيرة، شخص ينفذ واحدة من أكثر الهجمات وحشية ضد السكان المدنيين العاجزين. لقد صفقتم لبنيامين نتنياهو.
في حين يرتجف العديد من الإسرائيليين من الخجل إزاء شخصية وسلوك الكنيست،
قدمت المؤسسة التشريعية الأكثر أهمية في العالم عارا أعظم: عرضا للدمى، يتألف من تصفيق متكرر وشامل تقريبا لكل كليشيه كاذب.
بخلاف الامتناع عن حضور الجلسة- كما فعل العشرات من المشرعين الديمقراطيين- ألم تسمعوا عن طرق أخرى للتعبير عن الاحتجاج البرلماني؟
دعوا جانبا إيماءات اللباقة الأمريكية – ألم تكن هناك تحفظات؟ فقط هتافات قطيع تافه لا معنى له؟
هل أنتم جميعا تدعمون القتل حقا في غزة؟
شيء قد يكون إبادة جماعية ، أو “قتلا جماعيا” بكل تأكيد.
هل كنتم تعلمون حقا ما الذي كنتم تهتفون من أجله؟
لماذا نهضتم من مقاعدكم عشرات المرات؟
على ماذا كرمتموه؟
على عمليات القتل الجماعي التي لم يكلف أحد نفسه عناء ذكرها ولو لمرة واحدة، وكأنها غير موجودة؟
لقد هتفتم لقتلة آلاف الأطفال، لمن حولوهم إلى أيتام، ومقعدين، ومبتوري الأطراف، وأطفال مصابين بصدمات نفسية، وجائعين، ومرضى، وضائعين.
لقد صفقتم لخطاب مصقول وبراق، خطاب أجوف مؤلم لا يحتوي على كلمة واحدة مرتبطة بالواقع .
لم يكن في الخطاب جملة واحدة تعني ما قاله الشخص الذي ألقاه، بدءا من جهوده لإطلاق سراح الرهائن، وانتهاء بالرؤية التي قدمها بشأن مستقبل غزة، والتي ليست أكثر من رؤية دائمة للعظام الجافة.
هذا ما صفقتم له أيها المشرعون الأميركيون.
كيف يمكن لأي شخص أن يصفق لنتنياهو في تموز/ يوليو/ 2024؟
وباستثناء الكوفية التي ترتديها عضو الكونغرس رشيدة طليب، والغياب الواضح للعديد من زملائها، وقف مجلس الشيوخ ومجلس النواب على أقدامهم ليقولوا لإسرائيل: إن ما تفعلونه في غزة يتم باسمنا.
نحن أيضا نؤيد القتل والتدمير. استمروا في انتهاك القانون الدولي ، وتجاهلوا وجهة نظر العالم وصدمته واشمئزازه – نحن معكم في همجيتكم.
لقد صدقتم أيضا كل الحيل والخدع الرخيصة والمحرجة للدعاية الإسرائيلية، التي لا ترى في نظرها سوى السابع من تشرين الأول/أكتوبر/. لم يحدث شيء قبل أو بعد هذا التاريخ.
أظهر لكم نتنياهو ، مثل متسول يعرض ساقيه من أجل الحصول على بعض الصدقات، جنديا فقد يده، وجنديا أسود البشرة، وجنديا على عكازات، ورهينة محررة، وقريب رهينة ما يزال في الأسر. وكدتم تمسحون دموعكم .
ماذا عن عشرات الآلاف من الضحايا، القتلى والمحرومين والمشلولين والجرحى الفلسطينيين، فضلا عن الرهائن الفلسطينيين المتعفنين في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية؟
هل سمعتم عنهم؟
هل يثير مصيرهم اهتمامكم؟
لماذا لا يستحقون عطفكم وتعاطفكم؟
لم يكن هناك أحد لإنقاذ كرامة المؤسسة التشريعية لأهم قوة في العالم. لم يقف أحد أو ينطق ولو بصيحة واحدة ضعيفة. مجلس الشيوخ ومجلس النواب يعبدون سياسيا متهما بارتكاب جرائم حرب. وكأن عيونكم مغمضة . لقد صدقتم خدعة وقوف إسرائيل في طليعة “الحضارة”، دون أن تتساءلوا عن نوع الحضارة التي تقتل عشرات الآلاف من الناس بلا تمييز.
أي نوع من البربرية هذه – تحدث إليكم رئيس الوزراء، مع جنوده الذين يطلقون كلبا على شاب مصاب بمتلازمة داون ثم يتركونه ليموت، والجنود الذين يستخدمون المطارق لتحطيم جهاز التصوير الوحيد بالرنين المغناطيسي في قطاع غزة؟
لقد صدقتم خدعة أن إسرائيل تدافع عنكم ، بل إنها تطور لكم أنظمة أسلحة لا تستطيعون تطويرها.
لقد قبلتم بصمت المقارنة بينه وبين تشرشل، والمقارنة بين التهديد النازي للعالم والتهديد الذي تشكله حماس. لقد صدقتم كل شيء.
عار عليكم أيها المشرعون عديمو الشرف.
المصدر: هآرتس