ضم الضفة الغربية على جدول أعمال الانتخابات الامريكية

وفقا لديفيد فريدمان السفير الامريكي السابق في اسرائيل والمقرب من ترامب وأحد اركان ادارته السابقة والقادمة في حال انتخابه، فإن “ترامب قد أدرك بعد 7 اكتوبر بأن حل الدولتين لن يتحقق”.

ينتمي فريدمان الى اقصى اليمين اليهودي الامريكي وهو من غلاة المستوطنين في الضفة الغربية وينتمي الى تيار الصهيونية الدينية، بعد تعيينه سفيرا استقال من عدد من تنظيمات المستوطنين ولجانهم. كما يعتبر السفير الاول الذي انتقل الى السفارة الامريكية في القدس بعد مساعيه لدى ترامب لإلغاء وضعيتها الخاصة كقنصلية مقابل السلطة الفلسطينية.

وفقا لفريدمان وما يَعتقِد بأن ترامب قد اقتنع به هو ان دولة فلسطينية تشكل خطرا وجوديا على اسرائيل ويؤكد بحسب صحيفة “يسرائيل هيوم” في 27/10 بمناسبة إشهار كتابه “دولة يهودية واحدة “، بأن السابع من اكتوبر اثبت أكثر من اي شيء اخر بأن دولة فلسطينية في الضفة الغربية “والتي تفوق مساحتها بشكل كبير مساحة غزة. والتي تقع على قرب خطير من المراكز السكانية الاسرائيلية – تشكل خطرا وجوديا على دولة اسرائيل” كما يؤكد بأن التجربة (اوسلو) قد فشلت.

بالإضافة الى اشهار كتابه، يشارك فريدمان في مؤتمر الصهيونية الدينية “لمناقشة الرؤية المحدّثة في ضوء الحرب والجبهة الكبيرة ضد إيران”، والهادف الى تشكيل قوة ضاغطة (لوبي) اسرائيلياً وامريكياً غايته فرض السيادة الاسرائيلية على الضفة، ونفي اية امكانية لدور للسلطة الفلسطينية وأن “الفلسطينيون لم يديروا دولة في تاريخهم ولا توجد لديهم مؤسسات ولا قيادة ولا تجربة تؤهلهم لذلك”.

يروج فرديمان الى انه يعتمد في مشروعه على قانوني الاساس الاسرائيليين الأكثر جوهريةً وهما، قانون كرامة الانسان وحريته، وقانون القومية. بناء عليه “سوف يتمتع الفلسطينيون الذين يعيشون تحت السيادة الإسرائيلية في الضفة بحماية حقوق الانسان بموجب القانون، لكنهم لن يكونوا قادرين على التدخل في حق تقرير المصير القومي للشعب اليهودي”. بهذا التصور تتجاوز اسرائيل الخطر الديمغرافي وتتجاوز الفكرة الرائجة “بتبديل خطر ديمغرافي بخطر أمني” في حال حل الدولتين.

في تصوره “يمنح” فريدمان الفلسطينيين حرية الاقامة الدائمة كما في القدس، ودونما الحق بالاقتراع للكنيست، وبذلك يتجاوز مسألة الخطر الديمغرافي الفلسطيني في دولة اسرائيل التي ينبغي ان تقوم ما بين البحر والنهر وعلى كامل المساحة.

يؤكد فريدمان بأنه لم يناقش ترامب في مشروعه السياسي هذا، الا انه يعرف ان ترامب وصل الى “قناعة باستحالة حل الدولتين”.

قراءة:

–        وبما ان فريدمان في حال فوز ترامب بالرئاسة من المرجح ان يتبوأ منصبا رفيعا في ادارته، فإنه يسعى وبمنهجية الى اقامة قوة ضغط (لوبي) في السياسة الاسرائيلية وفي السياسة الامريكية للترويج لمشروع الضم وتطبيقه ولنفي اية احتمالية لقبول امريكي بدولة فلسطينية ضمن حل الدولتين. فعليا يرمي فريدمان مدعوما بالتيارات الاسرائيلية الحاكمة الى احداث تغيير جوهري في السياسة الامريكية نحو نفي شرعية القانون الدولي ونحو الضم ولأن تكون الحدود الاردنية الفلسطينية حدودا أمنية واستيطانية اسرائيلية.

–        يعتمد فريدمان في مساعيه على نجاحه كما يؤكد في دفع الرئيس ترامب في دورته السابقة للاعتراف بقانون الضم الاسرائيلي للجولان السوري المحتل. وهو يرى ان كتابه الجديد يوضح ما ينبغي ان يحدث، ويرى بالحل الذي يطرحه “الفرصة الاخيرة والأمثل لحل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني” بعد سقوط حل الدولتين وادراك ترامب لذلك.

–        في بداية حملته الانتخابية الحالية تلقى ترامب تبرعات من كل من قطبي اليمين اليهودي الامريكي ومن الاغنياء الكبار مريم ادلسون وجيفري ياس، وذلك ينحو ربع مليار دولار، باشتراط ذلك بالتزام ترامب في حال تم انتخابه بمشروع ضم الضفة الغربية الى السيادة الاسرائيلية. لاحقا نفت حملته هذا الاشتراط لكونه غير قانوني وفقا للقانون الدولي والامريكي.

–        يلتقي فريدمان في أسس مشروعه للضم مع ترامب من ناحية في موقف الاخير من الضفة الغربية، وهو ليس بعيدا عن جوهر “صفقة القرن” التي اتى بها ترامب وشارك فريدمان في صياغتها. كما انه يتوافق مع مشروع نفتالي بينت رئيس الوزراء الاسبق والعائد الى المعترك السياسي، بصدد “تقليص الصراع” ومع نتنياهو “السلام الاقتصادي” وتصورات السلام الابراهامي الاقليمي ومنع قيام دولة فلسطينية، كما يلتقي جوهريا مع الوزير سموتريتش بحيث يطرح ما هو أشبه “بخطة الحسم المعدّلة”، وللتنويه فإنه يرى بهذا الحل فرصة اخيرة.

–        لا يتطرق فريدمان الى مصير قطاع غزة ومدى ارتباطه بالضفة الغربية، ويبدو انه وفقا للتيار الصهيوني الديني الذي يتبنى عقيدته بأن غزة لن تعود الى ما كانت عليه قبل السابع من اكتوبر 2023 لا جغرافيا ولا سكانيا.

للخلاصة:

  **⁠ لأول مرة يتم استخدام قانون القومية الاسرائيلي لنفي تقرير مصير الشعب الفلسطيني برمّته.

 ** ⁠يجدر اخذ تصورات فريدمان على محمل الجد في حال فوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، وقد اثبت فعليا مدى قدرته على التأثير على ترامب في دورته السابقة. ومع ذلك لا تعني تصوراته بأنها القول الفصل مقابل الاولويات والمصالح الامريكية الكونية، ومقابل المتغيرات في المنطقة.

**  ⁠ اليمين الاسرائيلي معني بفوز ترامب بالأساس من اجل تكثيف العمل على ضم الضفة الغربية وتقويض السلطة الفلسطينية والتخلص من فكرة الدولة الفلسطينية وحل الدولتين.

 **⁠موقف فريدمان يمثل اقصى اليمين اليهودي الامريكي المقرب من ترامب، ولا يتماشى مع موقف غالبية اليهود الامريكيين.

**  ⁠فلسطينيا من الجدير استخدام كتاب فريدمان وحملته باعتبارهما فرصة لحملة سياسية مكثفة تسعى للتأثير على السياسة الامريكية. مع القناعة بأن مصير الشعب الفلسطيني هو ملك االشعب الفلسطيني.

عن مركز تقدم للسياسات

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *