لماذا لا يرى الغرب التجاوزات والمجازر الإسرائيلية ويرى التجاوزات الفلسطينية فقط (إن وجدت)….

يعزو البعض ذلك إلى وجود آلة أعلامية صهيونية جبارة، قادرة على التحشيد، مع استغلال إسرائيل لبعض المشاهد والصور لتشويه “صورتنا”.

هذا صحيح…لكن قد تكون الإجابة أعقد من ذلك…

لنرجع إلى إدوارد سعيد في كتابه “الاستشراق” حيث يبني على مشاهداته في الغرب فيما يتعلق بظاهرة الإسلاموفوبيا (الخوف من الإسلام)، وكيف انتشرت هذه الظاهرة عقب حرب 1973، وتهديد السعودية وقتئذ بقطع البترول، فطفى على السطح الصورة الاستشراقية التي تم بنائها في أذهان الغربيين طوال عقود، بواسطة الآلاف من الروايات والقصص والأفلام، حول طبيعة الشرقيين والمسلمين، وبأنهم يتصفون بالتخلف والدموية والعنف كصفات جينية موروثة، بعكس الغربيين الذين يتسمون بالعقلانية والإنسانية.

يمكننا الاستناد على تحليل سعيد لتفسير موقف الغرب بشكل عام….فعندما بدأت الحرب طفى على السطح الصورة المستبطنة لدى جمهور الغربيين حول العرب والمسلمين والشرقيين…وبأنهم عنيفين سفاكين للدماء، وبالتالي كل ما يروى عنهم في الدعاية الإسرائيلية صحيح، فهم يقطعون رؤوس الأطفال ويغتصبون النساء ويحرقون الأفراد، حتى لو لا يوجد صور أو أدلة تؤكد ذلك، فلا حاجة للصور للتأكيد على ما هو مترسخ في الوعي الغربي المستبطن…

قد يظن البعض أن في الأمر مبالغة، وأن استبطان هذه الصورة عن الشرقيين من العرب والمسلمين موجود فقط عند بعض المتطرفين في الغرب….شخصياً لا أظن ذلك، بل أظن أن هذه الصورة المستبطنة عند المعظم وقلة فقط لا يحملون هذه الصورة…

إذاً لماذا لا ينتبهون للتجاوزات الإسرائيلية….

ببساطة هم يرون في إسرائيل جزء من الحضارة الغربية وامتداد للاستعمار الأوروبي، العقلاني المتحضر، فإذا تجاوزت إسرائيل في بعض المرات، فهذا تجاوز شاذ يخالف طبيعتها، لكن القاعدة هي: إسرائيل دولة ديمقراطية على النمط الغربي، والقاعدة فيها احترام القانون وحقوق الإنسان، وأي تصرف غير ذلك، تصرف شاذ خارج عن القاعدة.

في المقابل فإن الفلسطينيين ينتمون للشرق المتخلف العنيف الدموي غير العقلاني، والقاعدة هنا أنهم يمارسون كل الشرور، وإذا ما بدر منهم تصرف “إنساني” ما، (كإطلاق سراح المرأة مع الطفلين) فهو تصرف شاذ خارج عن القاعدة، لأنه يخالف طبيعتهم.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *