صباح الخير يا مدينة الله ، تنهض كل صباح تعبق برائحة الأنبياء ، أسيرة الأسوار ، تمسح عن حجارتها الندى ، وتحاول منذ أن رفعها الله على هضبة من هضاب جبال الخليل حل سوء التفاهم بين الأرض والسماء ، وتبحث عن السلام في صراع أولاد ابراهيم في معادلة الأرض مقابل السماء ، عاصمة موجوعة التاريخ المزمن ، وهي تسحب بلادها من تحت سنابك خيول الغزاة ، مدينة السلام التي لم تعرف طعم السلام ! منذ ان قرر جدّها الكنعاني ” ملكي صادق ” : أن يبني ” يبوس ” ملك السلام حين سماها ” اور سالم ” مدينة السلام ، وبين اورشليم والقدس ، تبحث القدس عن بلادها بين الأرض والسماء .. مدينة الاشكال التاريخي حين ينقّب الغزاة عن ما يدل عليهم في تراب جدها اليبوسي ، وتنهض هذا الصباح في باب العامود أمام مخبز المصرارة لتنتش كعك القدس و “تهرهر ” عنه السمسم ، كما هرهرت أسوارها عنها الغزاة ، ويحدّق عصفور فلسطيني يحط على أسوارها بخوذة جندي اسرائيلي يحرس خرافة ، وينقب تحت الأرض عن دينه في أديان الآخرين ، التي ترتفع مساجدها وكنائسها فوق الأرض ، وعلى الأرصفة البيضاء ، المصقولة بسنابك خيول الغزاة ، تفرش فلسطينية من سلوان عاصمة بلادها بغلال الأرض من فجل وخبيزة وجرير ، وتسخر منقوشة زعتر من مستوطن بولوني يقضم ” الكرواسان ” بحماية مدرعة عسكرية ، ويحاول سرب حمام يطير فوق قبة الصخرة ، ان يخلص أوهام القبة الحديدية من سراب التنقيب عن هيكل مزعوم لشن الحرب بين الأرض وسمائها ، وتطيح بصلح الأنبياء ، حين صلوا جميعا خلف آخر الأنبياء قبل ان يعرج الى السماء .
تصحو القدس كل صباح وهي تبحث عن بلادها تحت السماء ، وتتوسط بلادها فلسطين بين موت البحر الميت ، وزرقة الحياة في البحر المتوسط وترتفع على هضبة من هضاب جبال الخليل لتكون أقرب الى الله ، وترفع ايديها الى السماء وتدعو : يا الله انقذنا من شعبك المختار !