
خاصرة البلاد ، وربطة زنار خصرها ، بين الرمل والبحر أرملتنا الفلسطينية غزة ، لا البحر ابتلعها ، ولا هي شربت البحر .
غزة .. أسيرة فلسطينية منسيّة في سجنها بين معبرين ، معبر العدو ومعبر الشقيق ، حلم رابين ان يصحو وقد ابتلعها البحر ، وخيبة جرافة شارون وهي تجرف المستوطنات عن أرضها وترحل .
لا تُهزم ولا تنتصر ، وتتقن فن البقاء في الخبر العاجل ، وتقرير المراسل بالخوذة الحديدية ، وتصبغ بدمها شاشات العالم .
تملك من العناد ما يكسر رأس ” القبة الحديدية ” وتملك من الاصرار ما يتحدى طائرة الـ ف 16 بطائرة ورقية ، وتملك من عجلات الكوتشوك ما يسوّد عيشة عدوها الذي يتفرج على جوعها وهو يقشر الفستق على حدودها .
لا البحر يبتلعها .. ولا هي تشرب البحر، وتقارع عدوها وهي على كرسي بعجلات في مواجهة دبابة ” الميركافا ” ، وتقلع شوكها بيدها على طول الشريط الشائك بينها وبين بلادها .
لا شيء يشبه غزة الا غزة ، تملك من المفارقات ما يجعلها دوما منفردة في تفردها ، أسيرة تطلق أسرى ، ومحاصرة تحتجز تل أبيب في ملجأ ، تُدمر أنفاقها الى مصر فتحفر أنفاقها الى عسقلان ، تعجز عن ادخال علبة بسكويت من مصر ، وتفلح بإدخال صاروخ فجر من ايران ، تخوض حروبها وتُدمر أبراجها ، وتخرج من تحت الأنقاض ترفع شارة النصر .
لا تموت ولا تعيش .. بين مستشفى الشفاء ومقبرة الشهداء ، وتطلّ علينا بين حرب وحرب في فن البقاء في الخبر العاجل .