صباح الخير عكا !
صحوت هذا الصباح ، وقلبي ” ينط ” من فوق سور عكا الى البحر ! وأنا أبحث في صباحي الاسكندنافي عن موجة تموج بي في المخمل الأزرق ، تأخذني الى عكا ، وأحاول في زرقة هذا الأزرق اختراع زرقاء اليمامة ، ترى لي عن بعد ما سأكون في عكا ! وقد أستعين بصديق فينيقي في صور ، يساعد هذا الكنعاني المشرّد على شواطئ البلطيق أن يصحو صباحا يشرب قهوته ، بانتظار قوارب الصيادين في مرفأ يرأف بلهفتي لسمكة فلسطينية ، تقول لي عكاوية تقرأ فنجان قهوتي : السمكة في الفنجان هي رزقة يا ولدي !
وأريد أيّتها العكاوية أن أرزق بزورق في هذا الأزرق ، يبحر بي الى عكا !
وفي هذا الصباح الإسكندنافي ، أحدّق في فنجان النسكافيه ، وأحاول أن أبحث عن سمكة ، أقول انها ” رزقة ” ، ولكن من قال ان فنجان النسكافيه قابل للقراءة ؟ كفنجان في عكا بالقهوة العربية ، ترسم لي بقاياها خطوط الحظ ، اكثر مهارة من ماغي فرح .
وأشعر بخيبة نابليون أمام أسوار عكا ، و لا يكف حنيني عن “النط ” من فوق السور الى عكا .
ومثل جبنة عكاوية منزوعة الـ عكا اشتريتها أمس من السوبر ماركت السويدي ، هي روحي هذا الصباح بلا عكا !
سأكون يوما في عكا ، اتأبط ذراع حنيني في شارع صلاح الدين ، وأبارك لعروس فلسطينية ، تتصور مع عريسها قرب الأسوار ، وأنفخ صدري كقرص فلافل ، مزهو بفلسطينيته في مطعم سعيد بأسواق عكا القديمة ، وأطهر هواء بلادي من أنفاس الغزاة في حمام الباشا ، وأعزم لهفتي على مطعم سمك يغطس نصفه في البحر ، وأقف أمام القلعة ” سجن عكا ” وأقرأ الفاتحة على روح محمد جمجوم ، فؤاد حجازي وعطا الزير ، وأدمع على روح غسان كنفاني ، زميلي بالمنفى ابن عكا الذي دفن غريبا في بيروت ! سأكون يوما في عكا تبتهل لعودتي مئذنة خضراء في مسجد الجزار ، وتقرأ لي عكاوية فنجان قهوتي في السوق الأبيض وتقفز أسماك ” الرزقة ” من فنجاني ويكون فنجاني على بياض