اشترك معنا في قناة تلغرام: اضغط للاشتراك
حمل تطبيق الملتقى الفلسطيني على آندرويد: اضغط للتحميل
في الخليل ، في شهر رمضان ، كنت أنزل بعد الإفطار من بيتنا في حارة “المشارقة الفوقا” إلى “وادي النصارى” ، حاملاً طنجرة صغيرة فيها ” بليلة ” .. حمص مسلوق وعليه ملح وكمُّون .
مع نزولي أكثر في الوادي ، ومع كل نداء لي ” بليلة .. بليلة ” كان يُفتح لي أكثر من شباك ، وأكثر من باب ، وأسمع ” بليلة .. تعال ” ..
لم يكن نزولي إلى وادي النصارى يستغرق وقتاً طويلاً . كانت طنجرتي تفرغ بسرعة ، لأصعد وفي جيبي بضعة قروش أفرح بها ، وفي البيت تنتظرني ابتسامة أم راضية ، فرِحة بولدها “الشغيل” ..
في تلك الأيام ، كانت سنوات عمري أقل من أصابع اليدين !
الآن، صار عمري 68 سنة وعكاز !
والآن ، في منفاي الجديد، فرنسا ، في شهر رمضان ، ما زالت رائحة البليلة في أنفي ، و “بليلة .. تعال ” في أذني ، والعتمة الممزوجة بأضواء المصابيح ، والدفء الوفير خلف نوافذ البيوت في وادي النصارى .. كلها .. كلها تضج في ذاكرتي .
الآن، في غربتي ، حيث تنقصني ” البليلة ” وأشياء أخرى ، يوجعني قلبي .. يا وطني البعيد !