شذرات من الذاكرة..العودة إلى الجذور
الضياع بين سامر الفلسطيني وعماد اللبناني/2*
كانت طفولتي على بعد آلاف الكيلومترات،من مكان ولادتي ،حيث انتقلت وانا ابن ما يقارب السنتين ،بحكم عمل والدي كمدرس في دولة الكويت إلى مدينة الكويت.هناك كنت موزعا بين كوني لبناني الجنسية،ولد لابوين فلسطينيين،وتشرب فلسطينيته عبرهما،لكنه في القيود الرسمية لبناني،وفي رحلة البحث عن الذات ،لأي طالب أنهى دراسة الثانوية العامة،بدأ التشظي في حياتي.وبدات رحلة المتاعب لوالدي والتي لن تنتهي إلا برحيلي،كما يبدو.في تلك السنوات الممتدة من أواخر عام 1959 وهو دخولي إلى الكويت،حتى عام 1974 عام التحاقي في الجامعة ،كان للمجتمع الفلسطيني في الكويت سمات خاصة …حينما
وصل والدي الكويت ,قادما من السعودية ،التي عمل فيها بضعة اعوام في شركة النفط الانجليزية،وعبر الإمارات ،التي لم يلبث فيها إلا اشهرا قليلة،غادر بعدها إلى الكويت بعد حصوله على عقد عمل للتدريس فيها.كان قد حصل على الماتريك الفلسطيني قبل النكبة عام 1947 ،في يافا،ليغادر يافا إثر النكبة إلى غزة ثم بيروت مع عائلته.وكانت الماتريك من الشهادات التي يتحصل القلة عليها حينذاك.في السعودية،التي وطأ ارضها عازبا،كان يفكر في تركها والعودة إلى بيروت،فقد أكله الحنين إلى العائلة،خاصة في ظل صعوبة المعيشة أيام عصر خليج ما قبل النفط، وحلمه بالعمل مستفيدا من شهادة الماتريك،لهذا ما أن حظي بعقد عمل كمدرس في الكويت ،حتى شد الرحال اليها 1952،عمل لفترة العام ،وما أن تم تثبيته في الوظيفة،حتى غادر سريعا إلى بيروت عام 1953ليتزوج من ابنة عمه،ويبدأ رحلة الذهاب والإياب بين الكويت وبيروت،إلى أن نقل زوجته واطفاله إلى الكويت عام 1959.
ففي السنوات الأولى كان الجسم الرئيسي للمجتمع الفلسطيني في الكويت من فلسطيني لبنان والاردن ،وكان مجتمعا محدود العدد ،أغلبه من عائلات المدرسين ، وبعض المهندسين والاطباء والمتخصصين في مجالات محددة معظمهم توظف في وزارتي الأشغال أو المعارفى، الذين شكلوا لبنة رئيسية في وضع المنهاج التعليمي في الكويت وفي ماسسة بعض الوزارت ،ولم يكن لهم تجمعات سكنية خاصة بهم،كما هو حال مخيمات لبنان أو سوريا أو الأردن. وهو ما تطور وتغير لاحقا بعد حرب حزيران، تحديدا. كانت السمة المميزة للحالات المتناثرة والتي لم تشكل مجتمعا متماسكا أن الأغلبية منها كانت متعلمة،ومعظمهم له تجارب على الصعيد الوطني وإن كان بشكل فردي ،عبر النشاط في حركة القوميين العرب أو حزب البعث أو الإخوان المسلمين أو عبر التأثر بالزعيم عبد الناصر وتجربة الشعب الجزائري للخلاص من الاستعمار الفرنسي.
ما زالت رائحة ذكرى البيت الأول في الكويت تعبق في ذاكرتي.كان البيت في منطقة جليب الشيوخ،حيث عمل والدي بادئ الأمر في مدرسة نعيم بن مسعود،ثم انتقلنا إلى منطقة الفروانية في بيت عربي لا زلت اذكره،مع تسلم ابي لعمله في مدرسة المثنى الابتدائية ، التي اثبح لاحقا مديرها سواء في دوامها الحكومي أو في دوام مدارس المنظمة لاحقا حتى تقاعده.
*هذه كانت مسودة تم ضغط النشر خطأ ولكن سيتم استكمالها للحديث عن مجتمع الخمسينات في الكويت ووضع الفلسطينيين فيه.