شتاء آخر لسكان غزّة في ظل الإبادة الجماعية
منذ يومين، هطلت الأمطار الغزيرة على قطاع غزّة، إيذاناً ببداية موسم ثانٍ للشتاء والبرد تحت القصف والحصار والجوع والتشرّد والأمراض. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 1.6 مليون شخص، أو نحو ثلاثة أرباع سكان القطاع، سوف يكونون عرضة للمزيد من الأهوال، لافتقارهم إلى المأوى الذي يقيهم من عوامل الطقس القاسية في هذه الفترة من السنة، إذ يعيش معظمهم في الخيام والمباني المتصدّعة من دون تجهيزات للتدفئة أو بنى تحتية للصرف الصحي أو دعم إنساني كاف لصمودهم.
كشفت بداية موسم الأمطار والرياح عن عمق الكارثة الإنسانية. ووفقاً للتقييمات الأولية، غمرت الأمطار ومياه البحر نحو 10 آلاف خيمة على طول الساحل في جنوب غرب غزة، ودمّرت معظمها، ولا سيما في منطقة المواصي، التي دفعت إسرائيل مئات الآلاف النازحين إليها. وغمرت الفيضانات الطرق والممرات، وزادت العراقيل أمام الوصول إلى المنكوبين ونزوح الأسر المتضررة إلى المواقع الأقل تأثراً.
وتؤدي درجات الحرارة الشتوية القاسية، إلى جانب الأمطار الغزيرة وارتفاع أمواج البحر، إلى تفاقم تراكم مياه الصرف الصحي، وانتشار الأمراض، وخطر انهيار المباني المتضررة التي لجأ إليها الكثير من الأسر. فهذا الموسم الشتوي أشدّ قسوة على سكان غزة من الموسم السابق، إذ تفيد التقديرات أن أكثر من 60% من مخزون المباني في القطاع قد جرى تدميره، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والمباني الحكومية، ولم يتبق أمام مئات الآلاف من الأسر الفلسطينية سوى اللجوء إلى خيام صغيرة مكتظة أو ملاجئ مؤقتة مصنوعة من القماش أو النايلون أو البطانيات أو الورق المقوى، التي لا تحميهم من الرياح القوية والأمطار الغزيرة ودرجات الحرارة الباردة. وقامت بعض الأسر بخياطة أكياس الأرز القديمة لإضافة طبقة من الحماية إلى ملاجئها، ولكن الأمطار الغزيرة الأولى في الشتاء التي ضربت غزة في الأيام الأخيرة أظهرت مدى خطورة هذه الظروف المعيشية.
وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، حدّدت منظمات الإغاثة نحو 100 منطقة لجأ إليها النازحون معرضة للفيضانات وهي تستضيف أكثر من 450 ألف شخص، ولا سيما في خان يونس ودير البلح ورفح، وتفتقر إلى أي دعم أو تدخّل بسبب إجراءات الاحتلال ونقص التمويل.
منذ بداية أيلول/سبتمبر، تعرقل قوات الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية، بما في ذلك قطع القماش التي يمكن استخدامها في نصب الخيام. وتفيد تقديرات الأمم المتحدة أن إدخال المزيد من القماش إلى قطاع غزّة، لإغاثة السكان المتضرّرين من الشتاء سوف يستغرق 8 أسابيع على الأقل، ما يعني أن مخاطر الشتاء الشديدة ستبقى قائمة حتى لو توقفت الحرب الآن وسمح الاحتلال بإدخال المساعدات الإنسانية بكثافة.
ومنذ تشرين الأول/أكتوبر، لا يزال الوصول إلى شمال غزة ممنوعاً، وتواجه الأسر هناك ظروفاً مروعة، حيث لا يوجد مكان آمن للبحث عن مأوى، ويفتقر السكان إلى كل شيء، بما في ذلك الملابس والأحذية المغلقة والبطانيات والفرشات، كما أشارت الأونروا في 25 تشرين الثاني/نوفمبر.
عن موقع صفر